مسألة:
قال الشافعي: "فإن كانوا في قرية يملكونها منفردين لم نتعرض لهم في خمرهم وخنازيرهم ورفع بنيانهم وإن كان لهم بمصر المسلمين كنيسة أو بناء طائل لبناء المسلمين لم يكن للمسلمين هدم ذلك وتركوا علي ما وجدوا ومنعوا إحداث مثله وهذا إن كان المصر للمسلمين أحيوه أو فتحوه عنوة وشرط هذا علي أهل الذمة وإن كانوا فتحوا بلادهم علي صلح منهم علي تركهم ذلك خلوا وإياه ولا يجوز أن يصالحوا علي أن ينزلوا بلاد الإسلام يحدثوا فيه ذلك".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، وقد ذكرناه من قبل أن تفردوا بملكه وسكناه من القرى والبلاد لم يتعرض عليهم في إظهار خمورهم وخنازيرهم فيه، وضرب نواقيسهم، وابتناء بيعهم وكنائسهم، وتعلية منازلهم، وترك الغيار والزنار ولأنها زادهم، فأشبهت دواخل منازلهم. فأما ركوبهم الخيل فيها فيحتمل وجهين:
أحدهما: لا يمنعون من ركوبها كما لم يمنعوا مما سواها.
والثاني: يمنعون من ركوبها، لأنها ربما صارت قوة لهم تدعوهم إلي نقض العهد، فخالفت بذلك ما سواها، ثم ذكر الشافعي بعد هذا من حكمهم في بلاد الإسلام التي فتحت عنوة وصلحا ما قد مضي شرحه.
مسألة:
قال الشافعي "ويكتب الإمام أسماءهم وحلاهم في ديوان ويعرف عليهم عرفاء لا يبلغ مولود، ولا يدخل فيهم أحد من غيرهم إلا رفعه إليه".
قال في الحاوي: وهو كما قال، لأن عقد الذمة موضوع للتأبيد، فاحتاج إلي ديوان يفرد له، وقد ديوان الجوالي، لأنهم أجلوا عن الحجاز، فسموا جوالي، وهذا الديوان موضوع فيهم لثلاثة أشياء:
أحدهما: أن يذكر فيه عقد ذمتهم، ومبلغ ما صولحوا عليه من قدر جزيتهم، وما شرط عليهم من الأحكام، ليحملوا عليها فيما عليهم، ولهم ممن تولاه من الأئمة، وذكر الإمام احتياط، وليس بواجب.
والثاني: أن يكتب فيه اسم كل واحد منهم، ويرفع في نسبه وفبيلته، وصناعته حتى يتميز عن غيره، ويذكر حلية بدنه التي لا تتغير بالكبر كالطول والقصر، والبياض والسمرة، والسواد، وحليه الوجه، والأعضاء، ليتميز إن وافق اسم اسما، ويذكر فيه الذكور من أولادهم دون الإناث، لاعتبار الجزية ببلوغ الذكور دون الإناث، وإن لأحدهم مولود