الجواب وأشبههما أن لا يعطوا عوضًا. قال المزني: هذا أشبه بالحق عندي".
قال في الحاوي: لا يجوز للإمام أن يعقد الهدنة على شروط محظورة وقد منع الشرع منها.
فمنها: أن يهادنهم على مال يحمله إليهم، فهو محظور لما قدمناه.
ومنها: أن يهادنهم على خارج يضربونه على بلاد الإسلام.
ومنها: أن يهادنهم على رد ما غنم من سبي ذراريهم؛ لأنها أموال مغنومة.
فإن قيل: فقد رد سول الله صلى الله عليه وسلم سبي هوازن عليهم.
قيل: إنما ردهم عليهم بعد إسلامهم عن طيب نفس منه تفضلًا عليهم، فخالف التزامه للمشركين عن عقد.
ومنها: أن يهادنهم على دخول الحرم أو استيطان الحجاز، فلا يجوز.
ومنها: أن يهادنهم على ترك قتالهم على الأبد، لما فيه من تعطيل الجهاد.
ومنها: أن يهادنهم، وليس به حاجة إلي مهادنتهم، لقوله عليهم عدم النفع بمهادنتهم.
ومنها: أن يهادنهم أكثر من عشر سنين، وإن كان محتاجًا إليها.
ومنها: أن يهادنهم على إظهار مناكيرهم في بلادنا من صلبانهم وخمورهم وخنازيرهم.
ومنها: أن يهادنهم على إسقاط الجزية عمن أقام في دار الإسلام منهم.
ومنها: أن يهادنهم على تعشير أموالنا إذا دخلنا إليهم.
ومنها: أن يهادنهم على ألا نستنقذ أسرانا منهم، فهذه وما شاكلها محظورة، قد منع الشرع منها، فلا يجوز اشتراطها في عقد الهدنة، فإن شرطت بطلت ووجب على الإمام نقضها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ردوا الجهالات إلي السنن، ولا تبطل الهدنة، وإن كانت شرطًا فيها؛ لأنها ليست كالبيوع من عقود المعاوضات التي تبطل بفساد الشرط؛ لما يؤدي إليه من جهالة الثمن، وليست بأوكد في عقود المناكحات بها، فإن طالبوه بالتزامها أعلمهم حينئذ بطلانها في شرعنا، وأنه لا يجوز لنا العمل بها.
فإن دعوه إلي نقض الهدنة نقضها، إلا أن يخاف منهم الصطلام، فيجوز للضرورة، أن يلتزمها ما كان على ضرورته كما قلنا في بذل المال.