وإن كان الزوج عبدًا، ففي استحقاق المهر قولان أيضًا، لكنه ملك لسيده دونه، فلا يسلم إذا استحق إلا باجتماع الزوج مع سيده، لأن ملك البضع للعبد. وملك المهر لسيده، فإن تفرد أحدهما بطلبه منع، وإن اجتمعا عليه دفع باجتماعها إلي السيد دون العبد كما لو ملك العبد بالطلاق قبل الدخول نصف الصداق، كان ملكًا للسيد ولم ينفرد بقبضه، إلا باجتماع مع عبده.
ولو كانت المطلوبة أم ولد، فجاء سيدهما في طلبها كانت في العتق، واستحقاق القيمة كالأمة، ولو كانت مكاتبة، فإن حكم بعتقها على ما قسمناه في الأمة بطلب كتابتها، وفي استحقاقه لقيمتها قولان.
وإن لم يحكم بعتقها، كانت على كتابتها، ولم تبع عليه، وإن أدت مال كتابتها عتقت بالكتابة، وكان له ولاؤها، وسواء كان ما أدته من الكتابة أقل من قيمتها أو أكثر، وإن عجزت ورقت حسب من قيمتها بما أخذه من مال كتابتها بعد إسلامها، ولم يحتسب عليه مأخذه منها قبل الإسلام، فإن بلغ قدر القيمة، فقد استوفى حقه، وعتقت، وكان ولاؤها للمسلمين، وهول يرد عليها من بيت المال أم لا؟ على قولين:
أحدهما: لا يرد إذا قيل: إن سيد الأمة لا يستحقه.
والثاني: يرد إذا قيل إن سيد الأمة يستحقه، فإن كان ما أدته أكثر من القيمة، لم يسترجع فاضل القيمة من سيدها، وإن كان ما أدته أقل من قيمتها استحق سيدها تمام قيمتها قولًا واحدًا؛ لأنه عتق بعد ثبوت الرد، وكان ذلك من بيت المال.
فصل:
فأما من ارتد بعد الهدنة من المسلمين ولحق بهم لم يخل حال الإمام في عقد هدنته من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون قد اشترط فيها رد من ارتد إليهم ليؤخذوا برده وتسليمه سواء كان المرتد رجلًا أو امرأة، فإن امتنعوا من رده كان نقضًا لهدنتهم.
والقسم الثاني: أن يشترط فيه أن لا يردوا من ارتد إليهم من المسلمين، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شرط ذلك لقريش في هدنة الحديبية.
فأما الآن ففي جواز اشتراطه الهدنة قولان:
أحدهما: يجوز اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية؛ لأن الردة قد أباحت دماءهم فسقط عنا حفظهم.
والثاني: أنه شرط باطل؛ لأن هدنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الحديبية لما بطلت في رد من