هدايا الأمراء غلول" وروي أن رجلاً كان يهدي إلى عمر رضي الله عنه كل سنة فخذ جذور فخاصم إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين اقض بيننا قضاء فصلاً كما يفصل الفخذ من الجذور فكتب عمر إلى عماله لا تقبلوا الهدايا فإنها رشوة. ولو أهدي إليه خوفاً منه وتوقياً شره فهو حرام عليه لا يملكه وإن المهدي ممن لا يتحاكم إليه في الحال.
فرع آخر
قال أصحابنا: ينبغي لكل ذي ولاية أن يتنزه عن قبول هدايا أهل عمله لما ذكرنا من الخبر 12/ 56 أ وروي أنه لما رجع ابن اللتبية قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لكم وهذا أهدي ألي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى إليه أم لا. والمهاداة من عدا الولاة مستحبة في البذل ومباحة في القبول وقد ذكرنا ذلك في كتاب الهبات.
فرع آخر
مهاداة الإمام الأعظم ومن قام مقامه فكل الناس تحت ولايته ومن جملة رعيته فإن هاداه أهل الحرب جاز له قبولها كما تجوز استباحة أموالهم
فرع آخر
إذا هداه أهل الحرب ينظر في سبب الهدية, فإن كانت من أجل سلطانه فسلطانه بالمسلمين فصارت الهدية لهم دونه فكان بيت مالهم أحق بها منه, وإن هداه لما يختص بسلطانه من مودة سلفت جاز له أن يتملكها, وإن هداه لحاجة عرضت فإن كان لا يقدر على قضائها إلا بالسلطنة كان بيت المال أحق بها منه, وإن كان يقدر عليها بغير السلطنة كان أحق بها من بيت المال.
فرع آخر
لو هاداه أهل الإسلام ليستعين به إما على حق يستوفيه له, وإما على ظلم يدفعه عنه, وإما على باطل يعينه عليه, فهذه هي الرشوة المحرمة, وأهل الهدية إن كان على حق لقوم فهو من لوازم نظره ولا يجوز لمن لزمه القيام بحق أن يستعجل عليه كما في الصلاة. وإن كان على باطل يعين عليه كان أعظم تحريما 12/ 56 ب
فرع آخر
لو أهدي إليه من كان يهاديه قبله من ذي نسب أو مودة فهذه هدية لا رشوة وهي على ثلاثة أضرب, أحدهما: أن تكون بقدر ما كانت قبل الولاية لغير حاجة عرضت فيجوز قبولها للعرف وانتفاء الظن, وإن لم يقبلها كان نهاية الاحتياط لأنه إبراء لساحته وأجمل لذكره