حقهم أغلظ مأثمًا وأشد تحريمًا لأنهم مندوبون لحفظ الحقوق على أهلها دون أخذها وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم" فخص الحكم بالذكر تغليظاً قال: وفيه ثلاثة أقسام: أحدهما: أن تكون الهدية في عمله من أهل عمله فللمهدي ثلاثة أحوال: أحدها: أن يكون ممن لم يهاديه قبل الولاية فلا يجوز أن يقبل لأنه معرض لأن يحاكم أو يحاكم وهو من المتحاكمين رشوة محرمة ومن غيرهما هدية محظورة.
والثاني: أن يكون ممن يهاديه قبله وله في الحال محاكمته فلا يحل.
والثالث: أن يكون ممن يهاديه قبله وليس محاكمة, فإن كان من غير ذلك الجنس بأن كان يهاديه بالطعام فصار يهاديه بالثياب لم يجز أن يقبلها لأن الزيادة هدية للولاية وإن كان من جنسه فهل يجوز قبولها؟ فيه وجهان: أحدهما: يجوز لخروجها عن سبب الولاية , والثاني: لا يجوز قبولها لجواز أن يحدث له محاكمة ينسب بها إلى الممايلة والثاني من الأقسام: أن تكون الهدية في عمله من غير أهل عمله فلمهديها ثلاثة أحوال: أحدها: أن يكون دخل بها إلى عمله فصار بالدخول فيها من أهل عمله فلا يجوز أن يقبلها لجواز أن يحدث له محاكمة 12/ 59 أ والثانية: أن لا يدخل بها المهدي إلى عمله ويرسلها وله محاكمة وهو فيها طالب أو مطلوب فهي رشوة محرمة, والثالثة: أن يرسلها ولا يدخل بها إلى عمله ولا محاكمة له فهل يجوز قبولها: فيه وجهان: أحدهما: لا يجوز لما يلزمه من التزامه, والثاني: يجوز قبولها لوضع الهدية على الإباحة.
والقسم الثالث: أن تكون الهدية من غير عمله ومن غير أهل عمله لسفره عن عمله فنزاهته عنها أولى فإن قبلها جاز ولا يمنع.
فرع آخر
نزول القاضي ضيفاً على غيره فإن كان في عمله لم يجز, وإن كان في غير عمله جاز ولا يكره إن كان عابر سبيل, ويكره إن كان مقيماً
فرع آخر
قال في " الحاوي": أذا أبيحت له الهدية جاز أن يتملكها , ولو خطرت عليه فهي على ثلاثة أقسام: أحدهما: أن تكون رشوة فيحب ردها على باذلها, فإن ردها قبل الحكم نفذ حكمه, وإن ردها بعد الحكم فإن كان حكمه على الباذل نفذ حكمه, وإن كان حكمه لباذل ففي نفوذه وجهان: أحدهما: ينفذ إذا وافق الحكم كما ينفذ حكمه للصديق, والثاني: لا ينفذ كما لا ينفذ للولد للتهمة بالممايلة.