والثاني: أن تكون الهدية جزاء لتأخيرها عن الحكم فيجب ردها على مهديها والحكم معها نافذ سواء كان الحكم للباذل أو عليه.
والثالث: أن تخرج الهدية عن الرشوة والجزاء لابتداء المهدي بها تبرعاً فلا يتملكها القاضي لخطرها 12/ 59 ب وفيه وجهان: أحدهما: ترد على مهديها لفسادها, والثاني: توضع في بيت المال لبذلها طوعاً لنائب المسلمين.
فرع آخر
قال في " الحاوي": روى عبد الله بن جعفر عن خالد بن أبي عمران عن القاسم عن ابن أبي أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من شفع لأحد شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربي" وهذا وإن كان مرسلاً فليستظهر في الاستدلال به على ما يوجبه حكم الأصول فيقول: مهاداة الشافع تعتبر بشفاعته وهي على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يشفع في محظور من إسقاط حق أو معونة على ظلم فهو في الشفاعة ظالم وبقبول الهدية عليها آثم لا على كلاهما.
والثاني: أن يشفع في حق يجب عليه القيام به فالشفاعة مستحقة عليه والهدية محظورة لأن لوازم الحقوق لا يستعجل عليها.
والثالث: أن يشفع في مباح لا يلزمه فهو بالشفاعة محسن لما فيه من التعاون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشفعوا إلى ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء" وللهدية على هذه الشفاعة ثلاثة أحوال: أحدها: أن يشترطها الشارط وقبولها محظور عليه لأنه يستعجل على الإحسان والثانية أن يقول المهدي: هذه الهدية جزاء على شفاعتك فقبولها محظور عليه كما لو شرطها 12/ 60 أ والثالثة أن يمسك الشافع عن اشتراطها ويمسك المهدي عن الجزاء بها فإن كان مهادياً كره, وإن لم يحرم فإن كافأه عليها لم يكره القبول.
مسألة: قال: وإذا حضر مسافرون ومقيمون فإن كان المسافرون قليلا فلا بأس أن يبدأ بهم.
الفصل
إذا اجتمع المسافرون والمقيمون في باب القاضي فإن كان المسافرون قليلاً فلا بأس أن يبدأ بهم لأنه ربما يفوتهم السفر والرفقة, والمقيمون لا يفوتهم شيء وقد وضع الله عنهم الصوم وشطر الصلاة رفقاً بهم فلذلك تجوز البداية بهم للرفق بهم,