مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: {وإن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} النساء: 92.
قال في الحاوي: وهذا هو الثالث مما بينه الله تعالي في هذه الآية وجمع في قتله بين الدية والكفارة وهو الكافر ذو الميثاق بذمة أو عهد او قتل في دار الإسلام ففيه الدية والكفارة بقوله تعالي: {وإن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} النساء: 92 فجمع في قتله بين الدية والكفارة كما جمع في قتل المسلم في دار الإسلام بين الدية والكفارة. وقدم في قتل المسلم الكفارة علي الدية وفي قتل الكافر الدية علي الكفارة لأن المسلم يري تقديم حق الله علي حق نفسه والكافر يري تقديم حق نفسه علي حق الله تعالي، وقال ابن أبي هريرة: بل خالف بينهما، ولم يجعلها علي نسق واحد، لأن لم لا يلحق بهما، ما بينهم من قتل المؤمن في دار الحرب في قوله {وإن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} النساء: 92 فيضم إليه الدية إلحاقا بأحد الطرفين فأزال هذا الاحتمال بأحد اللفظين.
وسواء كان صاحب هذا الميثاق من الكفار من أهل الذمة، أو من أصحاب العهد، وسواء كان من أهل الكتاب، أو من غير أهل الكتاب في وجوب الدية والكفارة إذا قتل في دار الإسلام.
فأما إذا قتل في دار الحرب، فحكمه حكم المسلم إذا قتل فيها في ضمانه بالكفارة والدية إلا أن يعمد قتله غالطا بميثاقه الذي هو مقيم علي التزامه فتجب فيه الدية مع الكفارة، والكفارة الواجبة في قتل الكافر، كالكفارة الواجبة في قتل المسلم في أيمان الرقبة وسلامتها من العيوب المضرة، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: ((وإذا وجبت عليه كفارة القتل في الخطأ وفي قتل المؤمن في دار الحرب كانت الكفارة في العمد أولي. قال المزني رحمه الله: واحتج بأن الكفارة في قتل الصيد فهي الإحرام والحرم عمدا أو خطأ إلا في المأثم فكذلك كفارة القتل أو خطأ سواء إلا في المأثم)).
قال في الحاوي: وهذا كما قال، الكفارة تجب في قتل العمد والخطأ.
وأوجبها أبو حنيفة ومالك في قتل الخطأ وأسقطاها في قتل العمد سواء وجب في القود أو لم يجب استدلالا بقوله تعالي: {ومَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} النساء: 92 فجعل الخطأ شرطا في وجوب الكفارة، فوجبت أن ينتقي عن العمد لعدم