الشرط، وبما (روي) عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: ((العمد قود)) فجعل موجب العمد استحقاق القود، فدل علي أنه لا يجب في غير القود، ولأنه سبب يوجب القتل فلم يوجب الكفارة كالزني والردة، ولأنه قتل عمد فلم تجب فيه الكفارة، كالقصاص ولأن القصاص عقوبة علي بدن، والكفارة حق في مال فلم يجتمعا في القتل الواحد كالقصاص مع الدية.
ودليلنا ما رواه واثلة بن الأسقع قال: أتينا رسول الله صلي الله عيله وسلم في صاحب لنا استوجب النار بقتل، فقال: ((اعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار)) وهو لا يستوجب النار إلا في العمد.
فإن قيل: فقد أمر بها غير القاتل فدل علي أنها غير واجبة علي القاتل قلنا الخطاب وإن توجه إلي السائل فالمراد به القاتل لأنه أوجبها بالقتل، وروى عن عمر بن الخطاب أنه قال: يا رسول الله إني وأدت في الجاهلية. فقال أعتق عن كل موؤودة رقبة وذلك أن العرب في الجاهلية كانت تحفر تحت الحامل إذا ضربها الطلق حفيرة يسقط فيها ولدها إذا وضعته، فإذا كان ذكرا أخرجوه منها وإن كان أنثي تركت في حفرتها وطمر التراب حتى تموت، وهذا قتل عمد، وقد أوجبت به الكفارة.
ومن القياس: أنه قتل آدمي مضمون فوجب أن تستحق فيه الكفارة كالخطأ ولأن كل كفارة وجبت بقتل الخطأ وجبت بقتل العمد كجزاء الصيد، ولأن الكفارة إذا وجبت علي الخاطئ مع عدم المأثم كان وجوبها علي العامد مع المأثم حق كما قال تعالي: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} البقرة: 184 فلم أوجب القضاء علي المفطر معذورا بمرض أو سفر كان وجبه علي من فطر عمدا بغير عذر أحق ولقول النبي صلي الله عيله وسلم: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)).
وقد روي عن النبي صلي الله عيله وسلم أنه قال: القتل كفارة.
والثاني: وهو الصحيح أن الكفارة علي وجوبها لا تسقط بالقود لأنها حق الله تعالي فلم تسقط بتأدية حق الآدمي كما لم تسقط بأداء الدية.
فصل:
فأما إذا اشتركت الجماعة في قتل عمدا أو خطأ فإنهم يشتركون في الدية، فلا يلزمهم إلا دية واحدة، ولا يشتركون في الكفارة ويلزم كل واحد منهم كفارة كاملة فإن قيل فهلا اشتركوا في الكفارة كما اشتركوا في الدية كما ذهب إليه عثمان البتي وحكاه بعض أصحابكم عن الشافعي.
قيل: الحاكي له عن الشافعي غالطا، ولم يعرف في شيء من كتبه ولا نقله عنه أحد