وامرأتين, ولم يقبل, لأن قوله: لسن أقتص موعد بالعفو وليس بعفو وإن قال: قد عفوت عن القصاص فاسمعوا شاهدا وامرأتين, فالصحيح أنه يقبل منه شاهد وامرأتان وشاهد ويمين, لأنه لو قام شاهدين بعد عفوة, قبل الشهادة لم يحكم له بالقصاص.
وقال: بعض أصحابنا وهو مذهب أبي علي بن أبي هريرة لا أقبل منه وإن صرح بالعفو إلا شاهدين لأمرين:
أحدهما: أن ما أوجب القصاص نوع لا يقبل فيه أقل من شاهدين.
والثاني: أنه عفو منه قبل استحقاقه للقصاص وكلا التعليلين خطأ, لأن العفو يخرجه من نوعه القصاص, فبطل التعليل الأول, والعفو قبل البينة عفو بعد استحقاق القصاص, لأنه يستحق بالجناية لا بالبينة فبطل التعليل الثاني.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: ((فإن كان الجرح هاشمة أو مأمومة لم أقبل أقل من شاهدين لأن الذي شج إن أراد أن آخذ له القصاص من موضحة فعلت لأنها موضحة وزيادة)).
قال في الحاوي: أما دون الموضحة من شجاج الرأس فيقبل فيه عمدا كان أو خطأ شاهد وامرأتان, وشاهد ويمين, لأنه لا قصاص في عمده وأما الموضحة فلا يقبل فيها إذا كانت عمدا إلا شاهدان, لأنها موجبة للقصاص فإن قيل: إذا أقام في عمدها شاهدا وامرأتين, أو شاهدا ويمينا, هلا حكمتم له بالدية وأسقطتم القود؟ كالسرقة إذا شهد بها شاهدان حكم فيها بالقطع والغرم وإن شهد بها شاهد وامرأتان أسقط القطع وحكم الغرم, قيل لا لفرق منع من الجمع بينهما وهو أن الغرم والقطع في السرقة حقان يجمع بينهما الاختلاف مستحقها وليس أحدهما بدلا من الآخر, فجاز أن يفرد كل واحد منهما بحكمه والقصاص والأرش في الموضحة حق وجب بسبب واحد لمستحق واحد أحدهما بدلا من الآخر فشاركه في حكمه, فلم يجز أن يثبت أحدهما مع انتفاء الآخر فافترقا.
وأما ما فوق الموضحة في الهامشة والمنقلة والمأمومة فقد جمعت هذه الشجاج بين فيه قصاص وهو الإيضاح وبين ما ليس فيه قصاص, وهو الهشم والتنقيل ففيها للشافعي قولان:
أحدهما: وهو المنصوص عليه في هذا الموضع, لأنه لا يقبل فيها إذا كانت عمدا إلا شاهدان, لأن فيها إيضاحا يستحق فيه القصاص لمن طلب.
والثاني: قاله في كتاب الشاهد واليمين أنه يقبل فيها شاهد وامرأتان وشاهد ويمين, لأنه لما قبل ذلك فيه إذا انفرد عن الإيضاح لم يمتنع قوله فيه إذا اقترن بالإيضاح وصار