الإيضاح ملحقًا به في سقوط القصاص لمشاركته له.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه:"ولو شهد أنه ضربه بسيٍف وقفتهما فإن قالا فأنهر دمه ومات مكانه قلبتهما وجعلته قاتلًا وإن قالا لا ندري أنهر دمه أم لا بل رأيناه سائلًا لم أجعله جارحًا حتى يقولا أوضحه هذه الموضحة بعينها".
قال في الحاوي: فقد مضى الكلام في الشهود, فأما صفة الشهادة: فيجب أن تكون مفسرة لا احتمال فيها, لقول الله تعالى: {إلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وهُمْ يَعْلَمُونَ} الزخرف 86 فإذا قال الشاهدان: رأيناه قد طلبه بسيبف وغابا عنا ثم رأيناه قتيلًا, أو جريًحا, لم تقبل هذه الشهادة لجواز أن تكون قد قتله أو جرحه غيره وهكذا لو قالا: قد رأيناه وقد ضربه بسيف ثم غابا ووجدناه قتيلًا أو جريحًا لم تقبل لجواز ما ذكرنا من قتل غيره أو جراحة غيره فإن قالا رأيناه وقد ضربه بسيف فأنهر دمه ومات مكانه قبلت هذه الشهادة, لأن ظاهر موته أنه من إنهار دمه فإن ادعى الجارح أنه مات من غير جراحته لم تقبل منه مع الشهادة عليه بموته نظر في موته فإن بعد زمان لا يجوز أن يندمل فيه الجراحة حكم على الجارح بالقتل لأن ظاهر موته قبل اندمال الجراحة أنه منها فإن ادعى الجارح أنه مات من غيرها فهو محتمل وإن كان بخلاف الظاهر فيحلف الولي أنه مات من الجراحة, وإن كان موته بعدها بزمان يجوز أن تندمل فيه الجراحة حكم عليه بالجراحة, ولم يحكم بالقتل حتى يقيم وليه البينة أنه لم يزل ضمنًا مريضًا حتى مات فيحكم عليه حينئٍذ بالقتل.
فإن ادعى موته من غيره أحلف وليه لقد مات من جراحته ولكن لو شهد الشاهدان أنه ضربه بسيفه ولم يشهد أنه أنهر دمه لم يكن جارحًا, لأنه ليس كل مضروب بسيف ينجرح به وهكذا لو قالا: ضربني بسيفه فسال دمه لم تقبل شهادتهما لجواز أن يسيل من فتح عرق أو رعاف ولا قالا: ضربني بسيفه فسال دمه لم تقبل شهادتهما لجواز أن يسيل من فتح عرق أو رعاف ولا قالا: ضربه بسيفه فأسال دمه, قبلت شهادتهما, لأنها أضافا سيلان الدم إليه بخلاف ما تقدم فإن شهدا أنه أوضحه في رأسه, فإن عينا الموضحة حكم فيها بالقصاص أو الدية, وإن لم يعيناها نظر فإن لم يكن في رأسه غير موضحة واحدة, كانت هي المشهودة بها, وإن لم يعين حكم فيها بالقصاص, لأن الدية تجب في كل موضحة على كل موضع من الرأس فلم يفتقر إلي التعيين والقصاص لا يجب إلا بعد تعيين الموضع من الرأس وقدرها في الطول والعرض. وهكذا لو شهد أنه قطع إحدى يديه, ولم يعيناها فإن كانت إحدى يديه باقية وجب القصاص في الدامية أو الدية وإن لم يعين, لأنها صارت ببقاء الأخرى معينة في الدامية وإن كان مقطع اليدين لم يحكم له