يحلف لقد عفا عن الدية ولا يذكر أنه عفا عن القود، لسقوط القود بإقرار الأخ دون شهادته، وكما يحلف الأخ إذا ردت شهادة أخيه أنه ما عفا عن الدية ولا يذكر القود.
والثاني: ذكره الشافعي في هذا الموضع وقاله أبو علي بن أبي هريرة أنه يحلف القاتل مع شاهده لقد عفا عن القود والدية، لأن هذه يمين تقوم مقام شاهد فكانت على لفظ الشهادة وخالفت يمين الأخ، لاختصاصها بإثبات المستحق، والله اعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو شهد وارٌث أنه جرحه عمدًا أو خطًأ لم أقبل لأن الجرح قد يكون نفسًا فيستوجب بشهادته الدية".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، لأن كل شاهٍد جر بشهادته إلي نفسه نفعًا أو دف بها ضررًا، كانت شهادته مردودة، فإذا شهد وارقا المجروح وهما أخواه، أو عماه على رجل أنه جرحه لم تخل حال الشهادة من أحد أمرين:
أحدهما: إما أن يكون بعد اندمال الجرح، فشهادتهما مقبولة، لأنهما لا يجدان بها نفعًا ولا يدفعان بها ضررًا، سواء أوجبت القصاص أو الدية.
والثاني: أن تكون الشهادة قبل اندمال الجرح فهي مردودة فلا تقبل لأمرين:
أحدهما: أنها قد تسري إلي نفسه فيموت منها ويصيرا المستحقين لها، فيصيرا شاهدين لأنفسهما.
والثاني: أن المجروح مع بقاء الجراح متهم.
ولورثة المريض الاعتراض عليه في مال ومنعه من التصرف فيما زاد على ثلثه كاعتراضهم عليه بعد موته ولا تجوز شهادتهم له بعد الموت، كذلك في المرض، فعلى هذا إن كان الجرح مام يسري مثله إلي النفس جازت شهادتهما لع على التعليل الأول، ولم تجز شهادتهما له لى التعليل الثاني، وكذلك لو شهد له وارثاه في مرضه بدين له في قبول شهادتهما له وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي لا تقبل شهادتهما في الدين كما لا تقبل في الجرح، وهو مقتضي التعليل الثاني.
والثاني: وهو قول أبي الطيب بن سلمة أنها تقبل في الدين وإن لم تقبل في الجراح والفرق بينهما أن الدين يملكه الموروث ثم ثنتقل عنه إلي الوارث والدية يملكها الوارث عن الجاني فصار في الجناية شاهدًا لنفسه فردت شهادته وفي الدين شاهدًا لغيره فأمضيت شهادته وهذا مقتضى التعليل الأول، والله أعلم.