أحدهما: لا تسمع الشهادة حتى يعلم حرية الشاهد وإسلامه فيسمعها ثم يسأل عن عدالته بظهور الحرية والإسلام، وخفاء العدالة.
والثاني: لا يحكم بها حتى يعلم حريته وإسلامه ويجوز أن يسمعها قبل العلم بحريته وإسلامه كالعدالة والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولا تجوز شهادة جاٍر إلى نفسه ولا دافع عنها".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، لأن من شروط قبول الشهادة أن يخلو من التهم لقوله تعالى: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا} البقرة: 282 والتهمة ريبة.
وروى القاسم بن محمد عن ابن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي الإحنة" فالخصم المنازع والظنين: المتهم. وذي الإحنة: العدو فمن المتهومين في الشهادة وإن كانوا عدولًا، من يجر بشهادته إلى نفسه نفعًا، أو يدفع عنها ضررًا، فلا تقبل شهادته.
فمن جر النفع، أن يشهد السيد لعبده، أو مكاتبه، لأنه مالك لمال عبده، ومستحق أخذ المال من مكاتبه لجواز عوده إلى رقه.
ومنها أن يشهد الوكيل لموكله فيما هو وكيل فيه، لجواز تصرفه فيه إذا ثبت، فكان نفعًا. وفي جواز شهادته له في غير ما هو وكيل فيه وجهان:
أحدهما: يجوز، لعدم تصرفه فيه.
والثاني: لا يجوز، لأنه قد صار بالنيابة عن ذي الحق متهومًا ومنها شهادة الولي للمولى عليه، لأنه قد قام مقامه في النيابة عنه.
ومنها شهادة الوصي للموصي بعد موته أو لأبيه على ما شهد به، وتجوز شهادته له قبل موته لعدم ولايته.
ومنها شهادة "الموصى له بحق" للموصي "بعد موته" إذا كان له تعلق بحق وصيته. ويجوز شهادته له قبل موته لعدم ولايته، فإن شهد له بما لا حق له فيه قبلت شهادته وجهًا واحدًا، بخلاف الوكيل في أحد الوجهين لأن الوكيل قد يجوز أن يتقرب بشهادته إلى موكله. والموصى له لا يتقرب بها إلى الموصي بعد موته، فصار الوكيل متهومًا والموصى له غير متهوم.
ومنها أن يكون للشاهد على المشهود له دين، فيشهد له بدين على غيره فللمشهود له