حالتان: موسر، ومعسر.
فإن كان موسرًا قبلت شهادته له، لأنه لا يجر بها نفعًا لوصوله إلى دينه من يساره. وإن كان معسرًا فله حالتان:
إحداهما: أن يحكم بفلسه، فلا تقبل شهادته له. لأن ما شهد به من الدين صائر إليه، فصار نفعًا يترحم به.
والثانية: أن لا يحكم بفلسه، ففي قبول شهادته له وجهان:
أحدهما: وهو الأظهر أنها لا تقبل، لأنه يستحق بها مطالبة المعسر بدينه كالمحكوم بفلسه.
والثاني: قاله أبو حامد الإسفراييني: تقبل شهادته له وإن لم تقبل إذا حكم بفلسه. وفرقا بين المعسر والمحكوم بفلسه بأنه قد حكم له بمال التفليس ولم يحكم له بمال المعسر، وهذا الفرق لا يمنع من تساويهما في غيره، وهو وصوله إلى حقه بعد تعذره.
ومنها شهادة الشريك لشريكه فيما هو يشركه فيه، لأنه يصير شاهدًا لنفسه، فإن شهد له بما ليس بشريك، جاز بخلاف الوكيل؛ لأن للوكيل نيابة وليس للشريك نيابة.
ولهذا نظائر تجري على حكمها.
فصل:
فأما دفعه بشهادته ضررًا، فهي الشهادة بضد ما ذكرنا في ضده فمنها شهادة السيد بجرح من شهد على عبده أو مكاتبه، لأنه يدفع به نقصًا في حقه. وكذلك شهادة الوكيل بجرح شهود شهدوا على موكله.
ومنها شهادة الوصي بالإبراء من دين كان على الموصي، لأنه يدفع بها المطالبة عن نفسه.
ومنها أن يشهد الموصى له بعزل مشارك له في الوصية؛ لأنه يدفع بها مزاحمته في الوصية.
ومنها أن يشهد غرماء المفلس بالإبراء من دين كان على المفلس؛ لأنهم يدفعون بها مزاحمة صاحب الدين لهم.
ومنها أن تشهد القافلة بجرح شهود شهدوا بالقتل الخطأ، لأنهم يدفعون بها تحمل الدية عن أنفسهم، إلى نظائر هذا، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولا على خصٍم لأن الخصومة موضع عداوةٍ".