وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: "متى توتر"؟ فقال: أول الليل، ثم قال لعمر بن الخطاب: "متى توتر"؟ فقال: في آخر الليل، فقال: "أما هذا فقد أخذ بالحذر يعني الحزم والاحتياط، وأما هذا فقد أخذ بالقوة"، وقيل: تعجيلها أولى أم تأخيرها وجهان:
أحدهما: تأخيرها أفضل لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يصليها بعد فراغه من صلاة الليل، وقال: "الوتر ركعة في آخر الليل".
والثاني: تعجيلها أولى، لأن في تأخيرها مخاطرة.
وروى جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، 202 ب / 2 قال: "من خاف منكم أن لا يستيقظ من آخر الليل فليوتر من أول الليل، ثم ليرقد، ومن طمع منكم أن يقوم من آخر الليل فليقم آخر الليل ثم ليوتر".
وأما ما يقرأ فيه، فالمستحب عند الشافعي أن يقرأ في الركعة الأولى: بـ: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} الأعلى: 1، وفي الثانية بـ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} الإخلاص: 1، والمعوذتين. وبه قال مالك وأبو حنيفة، وقال أحمد: "يقرأ في الثالثة بسورة الإخلاص وحدها"، وهكذا روى ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا غلط لما ذكرنا رواية عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ كذلك، وهذه الرواية أولى للزيادة وآكد بما قد ذكرنا.
فرع
إذا صلى الوتر ثم نام ثم قام وصلى لا يلزمه إعادة الوتر. وبه قال مالك وقال أحمد: "انتقضت وتره فيشفعها بركعة ثم يتهجد بما أراد، ثم يوتر بركعة". وروي ذلك عن علي وابن عمر رضي الله عنهم. وقيل عن ابن عباس مثله. وروي عن أبي بكر الصديق وعمار بن ياسر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهم قالوا: "لا يشفع الرجل وتره".
ورأيت بعض أصحابنا بخراسان يميل إلى هذا القول، وذكر وجها في المسألة، وهذا غلط لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا وتران في ليلة"، وهذا وتران بل ثلاثة.
فَرْعٌ آخرُ
لو اعتقد أنه صلى العشاء فأوتر ثم تذكر أنه لم يصلها صلى العشاء، ثم أوتر، لأن