تقديم الوتر على العشاء لا يجوز. وبه قال صاحباه. وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: "يجزئه الوتر"، وهذا غلط، لأنه تابع للعشاء ولم يفرد بوقت ولا يتقدم التابع على المتبوع.
مسألة: قال المزني رحمه الله،: "قلت: آنا لا أعلم الشافعي رضي الله عنه ذكر موضع القنوت من الوتر".
الفصل
وهذا كما قال عندنا موضع القنوت في الوتر بعد الركوع قياساً على القنوت في الصبح نص عليه الشافعي في "حرملة"، وخفي ذلك على المزني. وبه قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي 203 أ / 2 رضي الله عنهم.
ومن أصحابنا من قال: "يقنت فيه قبل الركوع" وليخالف القنوت في الصبح كما خولف بين خطبة الجمعة وخطبة العيد. وهذا اختيار ابن سريج وعلى هذا لا يكره خلافاً لأبي حنيفة.
وقال يعقوب الأبيوردي: وهذا مذهب عامة أصحابنا، وهو الأصح، ولا معنى لهذا الكلام عندي مع النص الذي ذكرنا، وأجمع أهل العراق وخراسان من أصحابنا على ما ذكرنا. وقال أبو حنيفة ومالك: إنه قبل الركوع. واحتج بخبر أبي بن كعب رضي الله عنه، وهذا غلط لما روى أنس رضي الله عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت في الصبح بعد الركوع".
ورواه أبو هريرة أيضاً، وروي عن عثمان وحده من الخلفاء الراشدين أنه قدم القنوت على الركوع في أخر عمره ليدرك الناس معه الركعة للتخفيف على الناس. واحتج الشافعي عليه بحجتين:
إحداهما: أن قوله: "سمع الله لمن حمده"، دعاء. والقنوت دعاء، فالدعاء في محل الدعاء أولى من الدعاء في محل القراءة.
والثانية: أنه أسر بتكبيرة زائدة في الصلاة لم تثبت بدليل، فلا يجوز القول به، وإذا بطل هذا القول بقي قولنا.
فرع
إذا قنت قبل الركوع قد قيل: أساء ويجزئه. وقيل: يعيده في الركوع ويسجد للسهو.
بابفضل الجماعة والعذر بتركها
قال: "اخبرنا مالك. . . . " وذكر الخبر.
وهذا كما قال: اعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ثلاث عشرة سنة بمكة من غير جماعة،