"الشعر بمنزلة الكلام حسنه كحسن الكلام وقبيحة كقبيح الكلام".
وروي عن عصمة بن عبد الله عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى اله عليه وسلم قال: " إن من الشعر حكمة وإن من البيان سحراً وإن أصدق بيت قالته العرب:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قد وفد عليه الشعراء فأنشدوه ومدحوه وأثاب غلبيه ولم ينه عنه، فمنهم أعشى بني جرما وفد عليه وأنشده ما امتدحه به فقال:
يا مالك الأرض وديان العرب إليك أشكو حقبة من الحقب
إلى أن انتهى إلى شكوى امرأته:
وهن شر غالب لمن غلب
ومنهم كعب بن زهير وكان قد هدر رسول الله دمه، فورد إلى المدينة مستخفياً فقام إليه بعد صلاة الصبح ممتدحا فقال:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
... متيم إثرها لم يفد مكبول
إلى أن انتهى إلى قوله:
نبئت أن رسول الله أوعدني
... والعفو عند رسول الله مأمول
فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله هذا كعب بن زهير فاضرب عنقه، فقال: " لا دعه فإنه قد أسلم" وأعطاه بردة كانت عليه فابتاعها منه معاوية بن أبي سفيان بعشرة آلاف درهم، وهي التي مع الخلفاء إلى اليوم. وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم شعراء منهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحه، وكانوا ينشدون الشعر تارة ابتداء ويأمرهم به أخرى ليردوا على من هجاه، كما قال حسان بن ثابت:
هجوت محمداً فأجبت عنه
... وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء
... فشركما لخيركما الفداء
فإن أبي ووالده وعرضي
... لعرض محمد منكم بقاء
واستنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشريد من شعر أمية بن أبي الصلت وأنشده منه مائة بيت. وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه شهد قس بن ساعده بعكاظ على جمل أشهب وهو يقول: أيها الناس من عاش، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت مالي أري الناس يذهبون فلا