فَرْعٌ آخرُ
لا كان الإمام في الجماعة الكبيرة مبتدعاً كالمعتزلي والرافضي وفي الجماعة القليلة موافقاً، فإن حضور الجماعة القليلة أولى، والصلاة منفرداً أفضل 206 أ / 2 من الصلاة خلفه.
وحكي عن أبي إسحق أنه قال: "صلاته منفرداً أولى من الجماعة خلف الحنفي، لأنه لا وضوء له، ولا صلاة بترك النية والترتيب في الوضوء وترك الفاتحة ونحوهما في الصلاة".
وقال القاضي الطبري: "في هذا نظر، لأن أمر المسلم بني على الإتيان بالعبادة على أكمل الأحوال ألا ترى أنهم يعتقدون أن التشهد غير واجبء ولكنهم يتشهدون ولا يتركه أحد منهم".
وحكي عن أبي حامد أنه قال: "متى أتى الحنفي بالشرائط يصح الاقتداء به، وإلا فلا".
وحكي عن الأستاذ الإمام أبي إسحق الإسفراييني رحمه الله أنه قال: "لا يجوز وإن أتى بها"، لأنه يعتقد أنه يأتي بها نافلة لا فرضاً.
وحكي عن القفال: أنه يصح الاقتداء به، وان لم يأت بشرائطها، لأنه يحكم بصحة صلاته، ولهذا لا يباح قتله، ولا يقع به الاختلاف في ظاهر الأفعال، فلا يمنع صحة الاقتداء به، والفتوى عندي أنه إن كان متديناً يوثق أنه يؤدي الصلاة على الاحتياط للفريقين، كالأئمة الذين رأيتهم ببخارى وغزنة تجوز الصلاة خلفه من غير كراهة وإن علم أنه يترك ركنا أو شك في ذلك لا تصح الصلاة خلفه، لأن عناه أنه في غير صلاة.
فَرْعٌ آخرُ
قال: لو كان لرجل مسجد يجمع فيه، ففاتته فيه الصلاة فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي وان لم يأته وصلى في مسجده منفرداً فحسن.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان للمسجد إمام راتب ففاتت رجلاً أو رجالاً فيه الصلاة، صلوا فرادى ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة، فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه، وإنما كرهت لهم ذلك، لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل عابه بعضهم، وأحسب كراهية من كره لتفرق الكلمة، وأن يرغب الرجل عن الصلاة خلف إمام جماعته، فتتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة، فإذا قضيت الصلاة دخلوا فجمعوا يكون فيه اختلاف وتفريق كلمة 206 ب / 2 وفيهما المكروه، وبهذا قال جماعة الصحابة والفقهاء أبو حنيفة ومالك والثوري والأوزاعي والليث رحمهم الله.
وروي ذلك عن سالم وأبي قلابة. وقال أحمد وإسحق وداود وابن المنذر: "لا تكره الجماعة بعده". ورواه قتادة عن أنس رضي الله عنه.