يندب إليها ثانيا، وهو غلط لما ذكرنا.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان مسجد على ظهر الطريق أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب، ولا يكون له إمام معلوم يصلي فيه المارة، ويستظل به الناس، فلا أكره هذا فيه، لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت.
قال أصحابنا: وهكذا لو كان المسجد في موضع أهل لا يسع جيرانه لضيق الوقت عليهم، والمكان إقامتها دفعة واحدة، وإنما يصلون فيه فوجاً بعد فوج لم يكره فيه الجماعة بعد الجماعة.
مسألة: قال: "وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مناديه في الليلة المطيرة والليلة ذات الريح: ألا صلوا في رحالكم".
الفصل
وهذا كما قال: ترك الجماعة يجوز لعذر سواء قلنا أنها من فرائض الكفايات أو سنة مؤكدة. والعذر ضربان: عام وخاص. فالعام ضربان: عذر يجوز ترك الجماعة وعذر يجوز التأخير، فالذي يجوز التأخير مثل شدة الحر وقت الظهر على ما بيناه.
وأما الذي يجوز الترك، فمثل المطر والوحل في الليل والنهار أو الريح الشديدة في الليلة المظلمة دون النهار. ويجوز ترك الجمعة للمطر والوحل أيضاً، ولا يتصور عذر الريح فيها لأنها تقام نهاراً.
وحكى أبو يعقوب الأبيوردي عن بعض أصحابنا: أنهما لا يكونان عذراً في ترك الجمعة تأكيداً لها على سائر الجماعات. وهذا خلاف المذهب ولا شك أن الريح والوحل لا يكونان محذراً لجواز الجمع بين الصلاتين بخلاف المطر.
وقال في "التلخيص": "وأنكر المزني أن يكون المطر عذراً". قال القفال: "لا أدري أين قال 207 أ / 2 المزني هذا".
وقال بعض أصحابنا بخراسان: الوحل هل يكون محذراً في ترك الجماعة؟ وجهان: أحدهما: لا يكون عذراً، لأن له عده بالخف والصندل، وبهذا يفتي مشايخ طبرستان رحمهم الله لمن قدر على ذلك.
وروى ابن عمر رضي الله عنه قال: كنا إذا كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر وكانت ليلة مظلمة أو مطيرة نادى مناديه: "صلوا في رحالكم".
وأما العذر الخاص، فهو: الذي يختص به الواحد من بين الجماعة، وهو عشرة أشياء ذكرها الشافعي رضي الله عنه في "الأم"، فمتى أقيمت الصلاة واتفق واحد منها ساع له تركها من ذلك إذا حضر الطعام، وهو شديد التوقان إليه في أي صلاة كانت فإنه