ولا حد عليه على مذهب الشافعي لعدم الاتفاق على المكان كالبيتين، ولا وجه لهذا، لأن الحدود تدرأ بالشبهات ولا يحد بها.
وعلى قياس سؤالهم عن مكان الزنا، يجب سؤالهم عن زمان الزنا، لأن اختلاف الزمان كاختلاف المكان في وجوب الحد إن اتفق وسقوطه إن اختلف.
وليس إطلاق هذا القول عندي صحيحًا، والواجب أن ينظر فإن صرح بعض الشهود بذكر المكان والزمان، وجب سؤال الباقين عنه، وإن لم يصرح بعضهم به لم يسألوا عنه، لأنه لو وجب سؤالهم عن المكان والزمان إذا لم يذكروه، لوجب سؤالهم عن ثيابه وثيابها، وعن لون المزني بها من سواد أو بياض، وعن سنها من صغيرة أو كبيرة وعن قدها من طول أو قصر، لأن اختلافهم فيه موجب لاختلاف الشهادة، قيتناها إلى ما لا يحصى، وهذا غير معتبر في السؤال، وكذلك في الزمان والمكان، إلا أن يبتدئ بعض الشهود بذكره، فيسأل الباقون عنه ليعلم ما هم عليه من موافقة واختلاف.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولو مات الشهود قبل أن يعدلوا ثم عدلوا أقيم الحد".
قال في الحاوي: وهو كما قال: إذا مات الشهود قبل ثبوت عدالتهم ثم عدلوا بعد موتهم حكم بشهادتهم في الحد وغيره.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: أحكم بشهادتهم في غير الحد ولا أحكم بها في الحد. لأن من مذهبه أن أول من يبدأ بإقامة الحد الشهود.
ومذهبنا أن شهود الحد كغيرهم، فإن الحد كغيره من الحقوق، ولا يكون موت الشهود قبل التعديل مانعًا من الحكم بشهادتهم بعد التعديل لأن العدالة توجب الأداء وليس موتهم مسقطًا لها فسقًا طرأ ولو وجب سقوط شهادتهم لوجب سقوطهما في غير الحد فأما حدوث الفسق بعد الشهادة وقبل الحكم فموجب لسقوط الشهادة في الحد وغيره، لن الناس يتظاهرون بفعل الطاعات وينسون فعل المعاصي، فإذا ظهرت دل ظهورها على تقدم كمونها.
وأما حدوث الخرس والعمى بعد الشهادة وقبل الحكم بها فغير مانع من الحكم بها، لأن العلم بحدوثه وعدم تقدمه مقطوع به.
ومنع أبو حنيفة من إمضاء الحكم بشهادة من حدث به العمى، ولم يمنع من إمضائه من حدث به الخرس، وقد تقدم الكلام معه فيه.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ويطرد المشهود عليه وجرج من يشهد عليه".