مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو لم يقولا أنه رجع في الأول أقرعت بينهما حتى يستوطن الثلث وهو قول أكثر المفتين إن شهادة الأجنبيين والورثة سواءٌ ما لم يجر إلي أنفسهما".
قال في الحاوي: وقد مضى الكلام في أن شهادة الورثة بالعتق والوصية مقبولة كالأجانب إذا لم يجروا بهما نفعًا، فإذا شهد الأجانب بعتق عبد قيمته الثلث، وشهد الورثة بعتق عبد قيمته السدس، ولم يقولوا: إنه رجع عن عتق صاحب الثلث، فالشهادتان ثابتتان بعتق عبدين يستوعبان نصف التركة، فيعتبر في تجرير العبد حال الشهادتين، فإنهما على أربعة أضرب:
أحدهما: أن تكون شهادة الأجنبيين لصاحب الثلث بعتق بات في الحياة وشهادة الورثة لصاحب السدس بالوصية بعتقه بعد الوفاة فيستوعب الثلث بالعتق البات في صاحب الثلث، وتبطل الوصية بعتق صاحب السدس لتقدم الناجز في الحياة على الوصية بعد الوفاة.
والثاني: أن يكون شهادة الأجنبيين لصاحب الثلث بالوصية بعتقه بعد الوفاة، وشهادة الوارثين لصاحب السدس بعتقه بات في الحياة فيعتق جميع صاحب السدس، ويعتق من صاحب الثلث نصفه استكمالًا للثلث، ويرق باقية وهو النصف.
والثالث: أن يكون الشهادتان بالوصية بعتق العبدين بعد الوفاة، فيستوي فيهما من تقدمت فيه الوصية ومن تأخرت، وتقرع بينهما ليستوطن الثلث من قرع منهما، فإن قرع صاحب الثلث عتق جميعه ورق جميع الآخر، وإن قرع صاحب السدس، عتق جميعه وبعض صاحب الثلث استكمالًا للثلث، ورق باقية وهو نصفه.
والرابع: أن تكون الشهادتان بالعتق البات في الحياة، فهو على ثلاثة أضرب:
أحدهما: أن تدل الشهادتان على وقوع عتقهما في حالة واحدة فيقرع بينهما فيتحرر بالقرعة ليستكمل الثلث بعتق القارع ورق المقروع على ما بيناه.
والثاني: أن تدل الشهادتان على عتق أحدهما قبل الآخر، ويعلم بها المتقدم من المتأخر فيستوطن الثلث بالأول، فإن كان الأول صاحب الثلث عتق جميعه ورق صاحب السدس، وإن كان الأول هو صاحب السدس، عتق جميعه ونصف صاحب الثلث، استكمالًا للثلث ويرق نصفه الباقي.
والثالث: أن تدل الشهادتان على تقدم أحدهما على الآخر، ولا تدل على المتقدم من المتأخر، فقد ذكرنا فيها قولين:
أحدهما: يقرع بينهما ليستوظف الثلث بعتق القارع ورق المقروع على ما بيناه.
والثاني: أنه يعتق من كل واحد منهما يقدر ما احتمله الثلث بغير قرعة. فيعتق من