صاحب الثلث ثلاثة أرباعها، ويعتق من صاحب السدس ربعة. وبيانه: أن تنزلها تنزيلين:
أحدهما: أن يكون الأول صاحب الثلث فيعتق حمعيه ويرق صاحب السدس كله.
والثاني: أنه يكون الأول صاحب السدس فيعتق جميعه ونصف صاحب الثلث، فيتحرر في التنزيلين أنه عتق نصف صاحب الثلث يقينًا.
وتعارض التنزيلان في صاحب السدس ونصف صاحب الثلث وهما في القيمة متساويان فاقتضى أن يكون السدس الباقي من الثلث بينهما نصفين، فيعتق من صاحب الثلث نصفه يعتق من كل واحد منهما بقدر ما احتمله الثلث بغير قرعة. فيعتق من صاحب الثلث نصفه ومن صاحب السدس نصفه، فيصير النصف من صاحب الثلث ثلاثة أرباعه، ومن صاحب السدس نصفه.
ومثاله: أن يكون صاحب الثلث قيمته عشرة دنانير، وقيمة صاحب السدس خمسة دنانير، وقد خلف المعتق سواهما خمسة عشر دينارًا، فتصير التركة مع قيمتها ثلاثين دينارًا، ثلثها عشرة دنانير، فيعتق من صاحب الثلث ثلاثة أرباعه سبعة دنانير ونصف ويعتق من صاحب السدس نصفه بدينارين ونصف، فتصير قيمة المعتق منهما عشرة دنانير هي الثلث، ويبقى للورقة ربع صاحب الثلث بدينارين ونصف صاحب السدس بدينارين ونصف يضافان إلي خمسة عشرة دينارًا يصير عشرين دينارًا هي مثلًا ما خرج بالعتق.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو شهد رجلان لرجٍل بالثلث وآخران لآخر بالثلث وشهد آخران أنه رجع عن أحدهما فالثلث بينهما نصفان".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، إذا شهد شاهدان أنه أوصى بثلث ماله لزيد، وشهد آخران أنه أوصى بثلث ماله لعمرو، صحت الشهادتان بثلث المال لزيد وعمرو نصفين فإن أجاز الورثة الوصية بما زاد على الثلث أمضيت الوصيتان بثلثي المال لزيد وعمرو فإن امتنعوا عن إجازة ما زاد على الثلث جعل الثلث بين زيد وعمرو نصفين، ولم يقرع بينهما وإن قرع بين العبدين لوقوع الفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن الشرع أثبت دخول القرعة في العتق دون التمليك.
والثاني: أن المقصود بالعتق كمال أحكام المعتق ولا يكمل تبعيض العتق فيه، فأقرع لكمال أحكامه، والمقصود بالوصية نفع الموصى له، وهو ينتفع بتبعيض الوصية، فلم يقرع مع وجود المنفعة.
فلو شهد وارثان أو أجنبيان أنه رجع عن الوصية بالثلث لزيد إلي الوصية بالثلث لعمرو، قلبت شهادتهما وصار الثلث كله لعمرو.