يكون معتقاً لأنه أعتقه بعد زوال ملكه عنه بالبيع، وإن تقدم العتق على البيع، حكم بعتقه وبطل بيعه أنه باعه بعد زوال ملكه عنه، بالعتق، وأخذ يرد الثمن على مشتريه لقيام البينة بعتقه.
والثاني: أن لا يكون في البينتين بيان يدل على تقدم إحداهما على الأخرى إما لإطلاقهما وإما لتاريخ إحداهما، وإطلاق الأخرى وإما لاجتماعهما في التاريخ على وقت واحد فتضاد اجتماعهما فيه، فتصير البينتان في هذه الأحوال الثلاثة متعارضين وهي في اجتماع التاريخ متكاذبتين، وفي إطلاقه غير متكاذبتين. والحكم في تعارضهما، سواء إذا لم يكن فيهما بيان، وإذا كانت على هذا التعارض فالعبد حالتان:
إحداهما: أن يكون في يد سيده.
والثانية: أن يكون في يد مدعي الشراء فإن كان في يد سيده فقد اختلف أصحابنا هل يكون تقديمه لإحدى البينتين مرجحاً أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي العباس بن سريج، تترجح البينة بتصديقه لأنه ذو يد مالكه. فعلى هذا إن صدق بينة المشتري على ابتياعه، حكم به مبيعاً وسقطت بينة عنقه، ولا يمين للعبد على سيده، لأنه لو اعترف له بالعتق بعد بيعه لم يغرم، فلم يلزمه أن يحلف وإن صدق بينة العبد على عتقه، حكم بعتقه، وسقطت بينة بيعه وهل لمشتريه أن يرجع بثمنه ببينته، بعد ردها في بيعه؟ على قولين:
أحدهما: يرجع بثمنه إذا قيل: إن ردها في البعض لا يوجب ردها في الكل فعلى هذا لا يمين للمشتري على البائع في إنكاره لبيعه، لأنه لو اعترف بعد العتق لم يلزمه إلا رد الثمن وقد رد.
والقول الثاني: أنه لا يرجع بثمنه بالبينة إذا قيل: إن رد البينة في البعض موجب لردها في الكل فعلى هذا يستحق المشتري أخلاف البائع على إنكاره، لأنه لو اعترف له بعد العتق لزمه رد الثمن لأن اليمين تستحق في الإنكار إذا وجب العوض بالإقرار ويسقط في الإنكار إن سقط الغرم بالإقرار.
والوجه الثاني: وهو قول أبي علي بن خيران، وجمهور أصحابنا أنه لا تترجح واحدة من البينتين بتصديق البائع لأن كل واحدة منهما تشهد بزوال ملكه ورفع يده.
فعلى هذا يتحقق تعارض البينتين وقال المزني: لا تعارض فيها، ويحكم ببينة العتق، لأن العبد في يد نفسه، فصارت يمينه بينة داخل، وبينة المشتري بينة خارج، فقضى ببينة الداخل على بينة الخارج.
وهذا ليس بصحيح، لأن العبد لا يصح أن تكون له يد على نفسه لأن اليد عليه فامتنع أن تكون اليد ألا تراه لو ادعاه على سيده أنه أعتقه، وأنكره السيد لم يقبل قوله على السيد ولو كان في يد نفسه، قبل قوله عليه أو لا ترى لو تنازع ابتياعه رجلان،