فصدق أحدهما لم يؤثر تصديقه ولو كانت له يد على نفسه لكان تصديقه مؤثرا وأما الحر فقد اختلف أصحابنا هل تكون له على نفسه يد أم لا؟ على وجهين
أحدهما: تكون له يد على نفسه إذ ليس عليه يد لغيره.
أو لا ترى أن من ادعى لقيطاً عبداً فاعترف له بالرق كان عبداً له، ولو أنكره كان حراً، ولم يكن عبداً، ولو لم يكن في يد نفسه لما أثر إقراره، وإنكاره، وهذا قول أبي إسحاق المروري.
والثاني: وهو قول الأكثرين من أصحابنا أنه لا يد للحر على نفسه أن اليد تستقر على الأموال ولا حكم لها فيما ليس بمال، فلم يكن له على نفسه يد، كما لم تكن لغيره عليه يد وليس يقبل قول اللقيط لأن له يداً على نفسه، ولكن لنفوذ إقراره على نفسه فلم يصح ما قالوه.
فصل
فإذا صح أن لا يد للعبد على نفسه صح فيه تعارض البينتين وفي تعارضهما ثلاثة أقاويل:
أحدها: إسقاطهما ويرجع إلى السيد في تكذيبهما أو تصديق أحدهما فإن كذبهما حلف لكل واحد منهما، وكان العبد موقوفاً على ملكه، ولا يلزمه رد الثمن البينة، لأنها قد أسقطت في كل ما شهدت به، وإن صدق العبد دون المشتري، عتق العبد وحلف المشتري لأنه لو صدقه بعد تصديق العبد، غرم له الثمن، وإن صدق المشتري ملك العبد بالشراء، لم يحلف العبد لأنه لو صدقه بعد تصديق المشتري لم يلزمه غرم.
والثاني: الإقراع بين البينتين والقرعة في هذا الموضع قوية، لأنها يتميز بها حرية ورق
فعلى هذا إن قرعت بينة المشتري حكم له ابتياعه وفي أخلافه مع قرعته قولان. إن قرعت بينة العبد حكم بعتقه، ولزمه رد الثمن على المشتري، لأن البينة لم تسقط وإنما ترجح غيرها فوقفت.
والثالث: استعمال البينتين. فاختلف أصحابنا في صحة تخريجه في هذا الموضع على وجهين:
أحدهما: لا يصح تخريجه، لأن سارية العتق تسقط حكم القسمة.
والثاني: يصح تخريجه في هذا الموضع، لأن استعمالهما لا يسقط بما يحدث عن القسمة بهما، فعلى هذا يجعل نصفه مبيعاً على المشتري بنصف الثمن، ويكون فيه لأجل تفريق الصفقة بالخيار بين إمضاء البيع فيه بنصف ثمنه، واسترجاع نصفه الباقي، وبين فسخه، واسترجاع جميع ثمنه، فإن فسخ، حكم بعتقه على سيده، لأنه قد عاد إلى ملكه،