وبعد تغيير النية، هل له أن يقصرها؟ فيه وجهان كما ذكرنا فيمن أنشأ سفراً مباحاً، ثم أحدث نية المعصية.
فرع
الأسير في أيدي الكفار إذا سافر معهم، فإن كان يعرف مقصدهم وقصد الخروج معهم إلى مقصدهم له أن يترخص، وإن كان على عزم الانصراف متى قدر على التخلص فلا يترخص، وإن كان لا يعرف مقصدهم ففي الحال لا يترخص، فإذا ساروا به أكثر من مرحلتين.
حكي عن الشافعي رحمه الله أنه قال: له أن يقصر لأنه تيقن طول سفره، وقال: العبد الآبق إذا قصد رده أنه لا يترخص، لأن القصد في الابتداء ما وجد. قال أصحابنا: فتكون المسألتان على قولين، ونظيره ما لو باع مال أبيه على تقديم أنه حي وكان ميتاً هل يجوز؟ فيه قولان.
فَرْعٌ آخرُ
لو سافر من مكة إلى المدينة وله فيما بين مكة والمدينة مال أو ماشية فنزل لشيء من ماله كان له أن يقصر ما لم 55 ب / 3 يجمع مقام أربعة أيام وكذلك إن كان له ذو قرابة أو أصهاراً وزوجة، ولم ينو المقام قصر إن شاء، نص عليه في "الأم" خلافاً لأبي حنيفة، واحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى الحج وأصحابه معه ونزلوا مكة في دورهم وعلى أقاربهم وكانوا يقصرون الصلاة، وكذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما حج قصر هذا.
فَرْعٌ آخرُ
قال: لو خرج من بلده يريد بلداً والمقام فيه أربعة أيام فصاعداً، ثم الخروج منه إلى بلد أخر فهما مفران مختلفان، فإن كان كل واحد منهما يقصر فيه الصلاة قصر، وان كان لا يقصر في واحد منهما الصلاة لم يقصر، وإن كان يقصر في إحداهما دون الآخر قصر فيما يقصر ولم يقصر فيما لا تقصر، ولو رجع من البلد الأقصى إلى بلا كان بينهما أو بلدة فإن لم يكن إليه مسافة القصر أتم وإلا قصر.
فَرْعٌ آخرُ
لو أقام في المراسي في البحر، وهي: المواضع التي تحبس فيها السفن أو الجزائر فهي كالمقام في البر لا تختلف، فإن أزمع مقام أربعة أتم، وإن لم يزمع قصر على ما بيناه.
فَرْعٌ آخرُ
قال: لو حبسه الريح في البحر ولم يزمع مقام أربعة إلا ليجد السبيل إلى الخروج 56 أ / 3 بالريح، قصر ما بينه وبين الأربعة، فإذا مضت أربعة كما وصفت في