الاختيار، وإذا أتيت به مسيرة قصر يعني سار إلى مكانه الذي قصده، وإن ردته الريح إلى ذلك المكان فهو على القصر ما لم يجمع مقام أربعة، وهذا يدل على أنه لو نوى هناك مقام أربعة انقطع القصر.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا نوى الإقامة في موضع لا يصلح للإقامة كالبحر والمفازة هل يصر مقيماً؟ قولان كما لو نوى الإقامة في الحرب. وعند أبي حنيفة رحمه الله لا يصير مقيماً وهذا غلط عندي؟ لأن الخبر ورد في الحرب دون هذا، ولأن هناك هو على الخطر من الإقامة فإنه ربما يغلبه العدو فيطرده فلا تتحقق الإقامة وهذا لا يوجد في غير الحرب.
فَرْعٌ آخرُ
قال: لو كان الرجل مالكاً للسفينة وفيها منزله وأهله وأولاده معه، أو لا أهل معه فيها، فأحب إلي أن يتم، وان كان الأحب للمسافر القصر، لأن هذا يسير، ومنزله معه يسير، فإن قصر جاز، وهو فيها كالغريب يتكاراها لا يختلفان.
وقال أحمد رحمه الله: لا يجوز له القصر، لأنه مقيم فيمكنه وماله وهذا غلط للظواهر الواردة في القصر، ولأن كون أهله 56 ب / 3 وماله معه لا يمنع الترخص كالجمال.
فَرْعٌ آخرُ
قال: ولو كان الرجل من أهل البادية لا مال له ولا دار يصير إليها، وإنما هو سيارة تتبع مواقع القطر، فكلما شام برقاً انتجعه، فإن استيقين أنه بينهما ما تقصر فيه الصلاة وكانت نيته أنه إن مر بموضع مخصب أو موافق له في النزول أن ينزل لم يقصر.
فَرْعٌ آخرُ
قال في "البويطي": لو خرجوا من البلد وأقاموا في موضع حتى يجتمعوا أو يخرجوا، لم يجز لهم القصر لأنهم قطعوا بالسفر.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان على مسافة تقصر الصلاة بينها إلى مكة فخرج حاجاً كان له القصر حتى يدخلها، فإذا دخل ولم ينو المقام بها قصر أيضاً، وإن نوى مقام أربعة أتم، ثم إذا خرج منها إلى عرفة يريد قضاء النسك نظر، فإن نوى مقام أربعة إذا رجع أتم بعرفة ومنى، وإن لم ينو المقام إلى أن يرجع من حيث جاء فله القصر، فإن قيل: عندكم من سافر إلى بلد تقصر الصلاة إليه فدخل بنيان ذلك البلد انقطع القصر، وقد سافر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة وقدمها فلم يزل يقصر فيها. قلنا: كان قصده - صلى الله عليه وسلم - قضاء النسك لا المقام لها فدخل مكة اليوم الرابع من 57 أ / 3 ذي الحجة، وخرج إلى منى اليوم الثامن وحج، وعاد إلى منى اليوم العاشر، فأقام بها ثلاثاً، ثم قدم قاصداً مكة ليلة الرابع فنزل بالمخصب، ثم دخل مكة وطاف وانصرف فما أقام بها مدة لا يقصر فيها الصلاة، فهو بمنزلة ما لو خرج إلى بلد في رسالة، فإن له القصر حتى يعود وليس عليه