لأنه قال في آخره: إن كلا قد دخل مع الإمام مقيم في صلاته. ذكره القاضي الطبري رحمه اه. ولأن الخليفة يصلي أربعاً لأنه مقيم. وهذا ليس بمقيم فكيف يكون حكمه حكمه.
وقال أبو غانم: تلقى أبي العباس تأويل المسألة أن الإمام أحس بالرعاف فاستخلف ولم يكن وعف فوقف خلف خليفته، ثم رعف فانصرف فعليه الإتمام؛ لأنه صار خلف مقيم وهذا غلط 69 ب / 3 أيضاً؛ لأن الرجل لا يجوز له أن يستخلف في الصلاة ويكون فيها مأموماً له قبل الانصراف عنها، ولأن الشافعي قال: رعف وخلفه مسافرون ومقيمون ولم يقل أحس.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يجب على المسافرين خلفه الإتمام، لأن صلاتهم هي مبنية على صلاة الإمام الذي قبله، بدليل أنه لو كان مسبوقاً بركعة فإنه يبني على ترتيب المستخلف، وهذا غلط لأنهم مؤتمون به وقد بطلت صلاة الأول ولهذا لو سها هذا الخليفة فإنه يلزمهم سجود السهو، ولو بطلت صلاة هذا الخليفة بالحدث عمداً بطلت صلاتهم عند أبي حنيفة فدل أنه للإمام في الحقيقة.
مسألة: قال: وإذا كان له طريقان يقصر في أحدهما ولا يقصر في الآخر.
الفصل
وهذا كما قال: إن أراد أن يسافر إلى بلد وله إلى ذلك البلد طريقان، أحدهما: مسيرة ثمانية وأربعين ميلاً، والأخرى أقل من ذلك، فإن سلك الأقرب لم يجز له القصر، وإن سلك الأبعد فإن كان لفرض له فيه، مثل أن يكون في الأقرب حزونة وهي الحنونة من الحجارة، والصعود والهبوط، أو يكون فيه خوف من اللصوص، أو السباع، أو لا يكون فيه ماء 70 أ / 3 أو كان له في الأبعد قريب أو صديق يريد زيارته، أو معامل يريد محاسبته فهذا يجوز له القصر قولاً واحداً، وان لم يكن له فيه غرض بوجه ففيه قولان:
قال في كتاب استقبال القبلة من "الأم": لا يقصر وبه قال أبو إسحاق رحمه الله، وهو الأصح لأنه طول على نفسه من غير غرض فأشبه إذا هام في الأرض ومشى لا يجوز له القصر، وإن سار ألف فرسخ، وقال في "الإملاء": يقصر. وبه قال أبو حنيفة وهو اختيار المزني، واحتج بأنه سفر مباح قلنا: لا نسلم أنه مباح؛ لأن فيه إتعاب نفسه وطهره وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى يبغض المشايين من غير إرب". ومن أصحابنا من قال ما قاله في "الإملاء": مجمل وتفسيره ما ذكرنا إذا كان له فيه غرض فليس في المسألة إلا قول واحد إنه لا يقصر.
مسألة: قال: وليس لأحد سافر في معصيةٍ أن يقصر.