الفصل
وهذا كما قال: إذا أنشأ الإنسان سفره لمعصية على ما ذكرنا، فلا يجوز له الترخص بشيء من وخص السفر كالفطر، والقصر، والمسح على الخفين ثلاثاً، والجمع بين الصلاتين، والنوافل على الراحلة، وأكل الميتة عند الضرورة، وأكل مال 70 ب / 3 الغير إذا لم يأذن صاحبه عند الضرورة. وبه قال مالك وأحمد وإسحاق رحمهم الله.
وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي رحمهم الله: هو كالمطيع في سفره في جميع الأحكام وهو اختيار المزني رحمه الله. واحتجوا بأنه لو غصب خفاً جاز له المح عليه وإن كان عاصياً يلبسه كذلك هاهنا، ولأنه إذا منع المضطر من أكل الميتة فقد أمرتم بقتل نفسه وهذا لا يجوز، وهذا غلط؛ لأن الله تعالى قال: {فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} البقرة: 173 قال ابن عباس رضي الله عنه: غير باغ على المسلمين مفارق لجماعتهم مخيف للسبيل، ولا عاد عليهم بسيفه؟ ولأن فيه إعانة على المعصية والإعانة على المعصية معصية، ولهذا لا يجوز صلاة الخوف في القتال ظلماً، وأما الخف المغصوب لا يسلم في وجه، وإن سلمنا فبسب الرخصة هناك هو السفر وليس الخف شرطاً وليس بسبب؛ ولأن المعصية لا تختمر بلبسه لأنه غاصب وإن نزعه بخلاف هذا.
وقال القاضي الطبري: الصحيح أنه لا يجوز لأن اللبس معصية فلا يكون سبباً للرخصة وقال أبو حامد رحمه الله: يجوز وجهاً واحداً 71 أ / 3 وأما المضطر قلنا: يقال له: تب ويحل، ثم يحل له أكلها فلا يؤدي إلى قبلة.
فرع
قد ذكرنا أن له أن يمسح مسح المقيم على الصحيح من المذهب، لأنه يجعل كأنه لم يسافر، وهكذا لو دخل بلداً ليقيم فيه على معصية هل يمسح مسح المقيمين؟ وجهان: ذكرهما أبو إسحاق رحمه الله، لأن الإقامة هي سبب لمسح يوم وليلة، كالسفر سبب لمسح ثلاثة أيام، وهو عاص بهذه الإقامة والمذهب جوازه.
فرع
لو أنشأ السفر في غير معصية ثم نقله إلى معصية هل يترخص؟ فيه وجهان: أحدهما: أنه لا يترخص وهو الأصح وظاهر المذهب، والثاني: يترخص لأنه مستديم غير متثنى وهو اختيار بعض مشايخ خراسان رحمهم الله.
فرع
لو أنشأ سفراً مباحاً إلا أنه كان يفق فيه بالأفعال المحرمة يجوز له الترخص؟ لأن السفر مباح، وإنما يؤمر بترك المعصية لا بترك السفر.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان جريحاً في سفر المعصية فإن له التيمم؛ لأنه لا تأثير للسفر فيه وإنما التيمم