فرع
لو حضر أربعون فسمع بعضهم الخطبة ولم يسمع الباقون لصممهم فالمذهب أنهم لا يصلون الجمعة، كشاهد النكاح إذا كان أصم، وفيه وجه آخر أنهم يصلون الجمعة ويجوز ذلك قياساً على ما لو قال: لا أكلم فلاناً فكلمه بحيث يسمع غير الأصم فلم يسمع لصممه. قال الشافعي رحمه الله: يحنث في يمينه.
فَرْعٌ آخرُ
لو خطب جالساً لعذر يخطب خطبتين. قال أصحابنا: ويفصل بينهما بسكتته ولم يجلس. نص عليه في "الأم" أنه لا يجوز، وإن لم يسكت ووصل بين الخطبتين.
قال بعض أصحابنا: فيه وجهان: أحدهما: لا يجوز لأنها بدل من جلسة واجبة والثاني: يجوز لأنه قد يتخلل كلامه سكتات 123 ب/ 3 غير مقصودة.
فَرْعٌ آخرُ
لو خطب خطبتين ولم يجلس بينهما فحسبهما خطبة واحدة، ثم قام وأضاف إليها أخرى نص في "الأم". وقال أبو حنيفة ومالك رحمهما الله وأحمد: هذه الجلسة مستحبه غير واجبة، وهذا غلط لما ذكرنا أنه - صلى الله عليه وسلم - "لم يتركها"، وبينا أن فعله واجب.
فَرْعٌ آخرُ
قال: ولا بأس به أن يخطب الإمام على شيء مرتفع من الأرض وغيرها وعلى المنبر ولم يقل: إن الخطبة أفضل وأولى. قال أصحابنا: والخطبة على المنبر هي أولى لأنه آخر الفعلين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه أبلغ استماع الناس. هكذا ذكره القاضي الطبري، وقال أبو حامد: قال الشافعى رحمه الله: ويستحب أن يخطب على منبر، فإن لم يكن فعلى نشز لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان يخطب على المنبر"، وهذا أولى.
ويستحب أن يكون 124 أ/ 3 المنبر على يمين القبلة، ويمين القبلة هو الموضع الذي على يمين الإمام إذا توجه القبلة، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان يخطب بجنب جذع النخلة في المسجد ويجعلها على يسارهء وهو يقوم عن يمينها إلى أن أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى امرأة لها غلام نجار فقال: "مري غلامك النجار يعمل لي أعواداً أجلس عليها إذا كلمت الناس"، فأمره فعملها من طرفاء الغابة. قال سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر، ثم عاد فلما فرغ أقبل على الناس فقال: "يا أيها الناس إنما صنعت هذا
لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي".