والغابة: هي الغيضة وكان المنبر مرقاتين فنزوله وصعوده خطوتان، وذلك في حد القلة فلا تبطل الصلاة وإنما نزل القهقرى لئلا يولي الكعبة قفاه.
واعلم أنه كان منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث درج وكان يقف على الدرجة الثالثة التي تلي المستراح، ثم إن أبا بكر رضي الله عنه 124 ب/ 3 كان يقف على الثانية دون موقفه بدرجة، ثم جاء عمر فوقف على الأولى دون موقف أبي بكر بدرجة، ثم جاء عثمان رضي الله عنه فصعد إلى الثانيةء وهي موقف أبي بكر رضي الله عنه ثم جاء علي رضي الله عنه فوقف على الثالثة موقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم إن مروان بن الحكم قلع المنبر في زمن معاوية وزاد فيه ست درج فصار عدد درجه تسعاً، فكان الخلفاء يرتقون إلى الدرجة السابعة الست التي زادها مروان والسابعة هي أولى مراتب الخلفاء الراشدين، ولو وقف يخطب من غير منبر، وقف على يمين القبلة.
فرع
لو نزل عن المنبر بعدما أخذ في الخطبة، ثم عاد إليه فإن كان الفعل يسيراً بنى عليه، وان كان طويلاً استأنفها، نص عليه في "الأم"؛ لأن الخطبة لا تعد خطبة إذا فصل بينهما بنزول يطول.
فرع
الطهارة للخطبة هل هي واجبة أم لا؟ قال في "الجديد": لا تصح إلا بالطهارة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان يخطب متطهراً"؛ لأنه كان يصلي في الخطبة وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني 125 أ/ 3 أصلي"، ولأن هذا ذكر هو شرط في صحة الصلاة فيشترط فيه الطهارة كالتكبير. وقال في "القديم": تصح بغير طهارة وقد أساء ولا أحب له أن يخطب إلا على طهارة، وبه قال مالك وأبو حنيفة؛ لأنه ذكر يتقدم الصلاة فلا يشترط فيه الطهارة كالأذان، وهل تجب إزالة النجاسة عن ثوبه وبدنه في حال الخطبة؟ قولان كما قلنا في طهارة الحدث.
مسألة: قال: ولا بأس بالكلام ما لم يخطب.
وهذا كما قد ذكرنا أن الكلام لا يحرم ما لم يبتدئ ثم يخرج على أحد القولين.
وقال في "الأم": الكلام على ثلاثة أضرب:
ضرب يلزمه لأخيه مثل أن يراه يلسعه عقرب، أو رآه يتردى في بئر، أو يقع عليه هدم ونحو ذلك، فهذا لا يمتنع بالخطبة ويلزمه أن يخبره به بلا خلاف.
وضرب يعينه في نفسه: مثل سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلة ابن أبي الحقيقء وقول الأعرابي للنبي - صلى الله عليه وسلم -، يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا أن يسقينا، وما أشبه ذلك فهذا مباح غير مكروه قولاً واحداً.