وإنما هو دعاء إليها، وكذلك لو صلى بغير أذان كرهت ذلك له ولا إعادة عليه. وروي عن أبو سائب بن يزيد أنه قال: كان على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: إذا جلس الإمام على المنبر أذاناً واحداً، فلما كان في أيام عثمان وكثر الناس أمر بالأذان الثاني، وكان يؤذن على الزوراء لأهل السوق والناس. وأنكر عطاء هذا وقال: أول من أحدثه معاوية رضي الله عنه، يعني: الأذان الذي قبل جلوس الإمام على المنبر.
فَرْعٌ آخرُ
قال: لا يحرم البيع 132 ب/ 3 يوم الجمعة قبل أذان المؤذن، ويحرم عند الأذان، وهو الأذان الذي يكون بعد الزوال عند جلوس الإمام على المنبر، وبهذا الأذان يجب السعي إلى الجامع، وأما بعد الزوال قبل هذا الأذان لا ينهى عن البيع كما ينهى عنه إذا كان على المنبر وأكرهه؛ لأن ذلك الوقت لم ينه فيه عن البيع، وبه قال عمر بن عبد العزيز وعطاء ومالك وأبو حنيفة، وقال الضحاك وربيعة وأحمد: يحرم البيع عند الزوال. وهذا غلط لقوله تعالى: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} الجمعة: 9 فثبت أن الحكم يتعلق بحالة النداء.
فرع
قال أصحابنا: في الجمعة أربعة أوقات قبل الزوال وبعد الصلاة لا يحرم البيع ولا يكره، وبعد الزوال قبل الأذان يكره البيع ولا يحرم، وعند الآذان إلى أن يفرغ من الصلاة يحرم البيع، وإنما يحرم ذلك أو يكره في حق من كان من أهل الجمعة، فأما في حق من لم يكن من أهلها كالعبيد والنساء والمسافرين فلا يحرم ولا يكره.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان أحد المتبايعين من تجب عليه الجمعة والآخر ممن لا تجب، قال الشافعي رحمه الله: أتما 133 أ/ 3 جميعاً، وهذا لأن من لم تجب عليه قد عاونه على المعصية، وقيل: يحرم على من تجب عليه وتكره لمن لا تجب عليه لأنه عاونه على محرم والأول أظهر.
فَرْعٌ آخرُ
لو تبايعا في الوقت الذي حرمنا أو كرهنا صح البيع؛ لأن المنع ليس لمعنى يرجع إليه نفس البيع، فهو كالبيع على بيع أخيه محرم ولكنه ينعقد، وهو كما لو تضيق عليه وقت الصلاة فاشتغل بالبيع في تلك الحالة عمى وانعقد، وقال مالك وربيعة وأحمد وداود رحمهم الله: يفسد البيع لأن الله تعالى قال: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} الجمعة: 9 والنهي يقتضي الفساد وهذا غلط لما ذكرنا.
وحكي عن مالك أنه قال: النهي في حق الكل سواء كان عليه الجمعة أم لا، وهذا