فإن جوزنا البناء، هل يجب تجديد النية عند البناء؟ فيه وجهان:
الأصح: أنه يجب.
والترتيب في الوضوء واجبٌ؛ وهو أن يبدأ بغسل الوجه، ثم بعده يغسل يديه، ثم يمسح برأسه، ثم يغسل رجليه؛ كما ذكر الله تعالى. فلو توضأ وترك الترتيب عاماً أو ناسياً، وصلى- لا تصح صلاته كما لو ترك الترتيب في أفعال الصلاة- لا تصح صلاته.
وقال الثوري، وأبو حنيفة: "الترتيب سنةٌ؛ وهو قول أكثر أهل العلم وإليه ميل إمام الأئمة. ولو أنه غسل أعضاء وضوئه دفعة واحدة لا يصح وضوؤه وقطع العراقيون؛ بأنه لا يجب إلا غسل الوجه. ولو اغتسل المحدث بنية رفع الحدث، ولم يرتب أعضاء وضوئه- ففيه وجهان:
إن قلنا: الحدث يحل جميع البدن، يخرج عن الحدث.
وإن قلنا: يحل الأعضاء الأربعة لا يخرج عن الحدث؛ لترك الترتيب. وهو الأصح. فعلى هذا لو انغمس في ماء، وخرج من غير مكثٍ- فهو كما لو غسل الأعضاء دفعة واحدة، وإن مكث يسيراً صح، لحصول غسلِ الأعضاء على الترتيب.
ولو أجنب رجل، ولم يحدث؛ بأن لف على قضيبه خرقة، وأولج في فرج امرأة و لم يمسها، أو احتلم قاعداً، أو أنزل بالنظر- يجب عليه الغسل، ولا ترتيب عليه في غسل أعضاء الوضوء. فأما إذا كان جنباً محدثاً؛ سواء تقدمت الجنابة على الحدث، أو تقدم الحدث، فهل يدخل الحدث في الجنابة؟ فيه ثلاثة أوجه:
أصحها: يدخل؛ حتى لا يجب غسل أعضاء الوضوء إلا مرةً واحدة؛ عن الجنابة والحدث جميعاً، ولا يجب عليه الترتيب؛ لأنهما حدثان ترادفا؛ فتداخلا؛ كالحيض مع الجنابة؛ وكما أن العمرة تدخل أعمالها في الحج في القران.
والوجه الثاني: لا يدخل حتى يجب غسل أعضاء الوضوء مرتين: مرة عن الحدث مرتباً، ومرة عن الجنابة كيف شاء؛ لأن موجبها مختلف، فلا يتداخلان؛ كما أن حد الشرب لا يدخل في حد الزنا.