واللسان الأخرس، والذكر الأشل - الحكومة؛ لأنه لا منفعة في هذه الأعضاء؛ إنما فيها جمالٌ فحسبُ.
ومعنى الحكومة: أن يقال لو كان المجني عليه عبداً بصفته، كم كانت قيمته وكم كان ينتقص من قيمته بتلك الجناية؟ فيجب من دية النفس بتلك النسبة؛ مثل: إن كانت قيمته مائة، وينتقص من قيمته بتلك الجناية عشرةٌ؛ فيجب على الجاني عشر دية النفس.
ولو حلق شعر رأسه، أو شفته أو لحيته أو حاجبه أو أهداب عينه، أو شعر جسده- نظر:
إن أفسد منابتها - فعليه الحكومة.
وإن لم يُفسد منابتها - نظر:
إن بقي أثرٌ أو نبت أنقص - فعليه الحكومةُ، وإن نبت، ولم يبق أثر - فلا شيء عليه إلا التعزير.
وعند أبي حنيفة - رحمه الله-: أربعةٌ من الشهور يجب فيها تمام الدية؛ إذا أفسد منابتها: شعر الرأس، واللحية، وأهداب العينين، والحاجبين.
قلنا: ما لا منفعة فيه فلا تجب فيه الدية؛ كشعر البدن، يؤكده: أنه لو قطع أجفانه، وعليها الأهداب -لا تجب إلا ديةٌ واحدةٌ بالاتفاق.
ولو ضمن الأهداب بالدية - لم تدخل ديته في دية الأجفان.
ولو قطع إصبعاً زائدة، أو سناً شاغية، أو نتف لحية امرأة، وبقي له أثر - ففيها الحكومة، فلو اندمل، ولم يبق له أثرٌ، أو زاد جمالاً - ففيه وجهان:
قال ابن سريج: لا يجب فيه ضمانٌ؛ لأن وجوب الضمان بسبب النقص أو الشين، ولا نقص ههنا، ولا شين؛ كما لو لطم وجهه، أو ضربه سوطاً، ولم يؤثر - فلا ضمان عليه.
وقال أبو إسحاق - رحمه الله - وهو الأصح-: تجب الحكومة؛ لأنه جزءٌ من جملةٍ مضمونة؛ فيكون مضموناً؛ كما لو بقي له شينٌ؛ فعلى هذا: يقوم قبل الجناية، ويقوم أقرب أحواله إلى الاندمال؛ فيجب ما بينهما؛ لأنه لما سقط اعتبارُ قيمته بعد الاندمال؛ لعدم النقص - تعتبر أقرب الأحوال إليه.