عن أكثر الأئمة؛ نظراً إلى قوة مدركه؛ ذكره في شرح "العباب"؛ قال الكردي في المسلك واعلم أني أذكر كثيراً في هذه الحاشية وأصليهما الخلاف الكائن بين الشارح م ر وشيخهما شيخ الإسلام والخطيب؛ فإنهم مما اتفق على جلالتهم، وعذري في عدم التصريح بالترجيح في كثير من المسائل المختلف فيها بينهم - ما تقدم في كلام السيد عمر وغيره؛ فإنَّ من هو أهل للترجيح لا يتقيد بما رجحه، ومن لا، فرتبته التخيير، فأي ثمرة له في الترجيح؟ نعم، وقع في كلامهم حتى "التحفة" و"النهاية" مسائل من قبيل الغلط أو الضعيف الواضح الضعف، فلا يجوز الإفتاء بها مطلقاً، وقد أوضحت جملة منها في كتابي "الفوائد المدنية" فيمن يفتي بقوله من متأخري السادة الشافعية بما لم أقف على من سبقني إليه، فليراجعه من أراد الإحاطة بذلك؛ فإنه جمع فأوعى أهـ كلام الكردي بالحرف.
تنبيه: ينبغي لكل فقيه الوقوف على هذه المسائل التي وقعت في كلامهم من قبيل الغلط أو الضعيف الواضح الضعف المحررة في "الفوائد المدنية" (شكر الله سعي مؤلفها)، ولو قيل بوجوب ذلك على كل مفت؛ لئلا يقع في الإفتاء بشيء منها، لم يبعد.
فائدة من "الفوائد المدنية": سئل العلامة السيد عمر البصري عن توافق عبارات "المغني" و"التحفة" و"النهاية"، هل ذلك من وضع الحافر على الحافر أو استمداد بعضهم من بعض؟ فأجاب (رحمه الله تعالى) بقوله: شرح الخطيب الشربيني مجموع من خلاصة شروح "المنهاج" مع توشحه من فوائد من تصانيف شيخ الإسلام زكريا، وهو متقدم على التحفة وصاحبه في مرتبة مشايخ شيخ الإسلام ابن حجر؛ لأنه أقدم منه طبقة. وأما صاحب النهاية فالذي ظهر لهذا الفقير من سبره أنه في الربع الأول يماشي الشيخ الخطيب الشربيني ويوشح من التحفة ومن فوائد والده وغير ذلك، وفي الثلاثة الأرباع يماشي التحفة ويوشح من غيرها أهـ. ما أردت نقله من فتاوى السيد عمر البصري.
وأقول: إن ابن حجر يستمد كثيرًا في التحفة من حاشية شيخه ابن عبد الحق على شرح المنهج للجلال المحلي، والخطيب في "المغني" يستمد كثيراً من كلام شيخه الشهاب الرملي ومن شرح ابن شهبة الكبير على "المنهاج"؛ كما يقضي بذلك السبر أهـ بالحرف.
تتمة: مراتب العلماء ست:
الأولى: مجتهد مستقل؛ كالأربعة وأضرابهم.
الثانية: مطلق منتسب؛ كالمزني.
الثالثة: أصحاب الوجوه؛ كالقفال وأبي حامد.
الرابعة: مجتهد الفتوى؛ كالرافعي والنووي.