وإن شك لم يدرِ من أيهما ترك، يجعل كأنه ترك من الأولى، فيقوم ويصلّي ركعة ولو كان في الركوع من الرَّكعة الثانية، فتذكر أنه ترك الفاتحة من إحدى الركعتين، نظر إن علم أنه ترك من الأولى، فهذه الركعة أولاه يتمُّها، ويصلي ركعة أخرى، وإن علم أنه تركها من الثانية يعود إلى القيام فيقرأ ثم يركع.
وإن شك لم يدر من أيهما ترك، يجعل كأنه ترك من الأولى، وحصل له قيام وركوع، فيمضي في ركعة فيتمها، ثم يقوم ويصلي ركعة أخرى.
وإن تيقَّن في آخر الصلاة أنه ترك ركناً يعرف عينه، يجب عليه أن يصلي ركعة كاملة إذا تحقق الإتيان بالنية والتكبير، فإن شك في واحد منهما عليه استئناف الصلاة.
فصلٌ
إذا شك المصلّي أنه هل سها أم لا؟ أو هل ارتكب منهياً؟ فلا سجود عليه؛ لأن الأصل عدم السهو، وكذلك لو شك في الجملة أنه هل ترك مأموراً أم لا؟ فلا سجود عليه.
أما إذا شك مفصلاً، نظر إن كان في ارتكاب منهي، مثل أن شك هل تكلم ناسياً؟ أو هل سلم في غير موضعه؟ أو هل شك في عدد الركعات فبنى على اليقين؟ فالأصل أنه لم يفعل، ولا سجود عليه وإن شك في ترك مأمور، مثل أن شك هل ترك مأمور كذا؟ فالأصل أنه لم يأت به، وكذلك لو شك هل قعد للتشهد الأول، أو هل قنت أم لا؟ فالأصل أنه لم يأت به، فعليه سجود السهو ولو تيقن السهو، لكنه لم يدرِ أنه ترك مأموراً وارتكب منهياً يجب عليه سجود السهو؛ لأن السهو يقينٌ، ولو تيقَّن السهو، وشكّ أنه هل سجد لسهو أم لا؟ فالأصل أنه لم يسجد، فعليه أن يسجد، وكذلك لو شك أنه سجد للسهو واحدة أو ثنتين، سجد سجدة أخرى، فإذا سجد ثم تحقق أنه كان قد سجد سجدتين، لا يلزمه أن يسجد ثانياً؛ لأنه سهو في سجود السهو، والسهو في سجود السهو لا يوجب سجود السهو، حتى لو تكلم في سجدتي السهو، أو في أحدهما، أو سلّم بينهما لا يلزمه سجود السهو؛ لأنه لا يمن من وقوع مثله في السجود فيؤدي إلى ما لا يتناهى كما يقال في اللغة: التصغير لا يُصغّر.
وقال صاحب "التلخيص": إذا سها بعد سجدتي السهو، يلزمه سجود السهو؛ لأن السجود السابق لا يجبر سهواً وقع بعده، والأول المذهب للاتفاق على أنه لو سجد ثلاثاً لا يلزمه سجود السهو.
أما السهو بسجود السهو موجب سجود السهو، مثل أن شك هل قعد للتشهد الأول أو هل قنت أم لا؟ فسجد للسهو، ثم بان أنه قد أتى به، يلزمه أن يسجد ثانياً، لأن سهوه هذا السجود، فعليه جبرُهُ.