وسئل القاضي عمَّن ظن أن سهوه ترك القنوت، فسجد للسهو، ثم بان أنه لم يتركه بل تكلم ناسياً، قال: عليه أن يسجد للسهو ثانياً؛ لأنه قصد بالأوليين جبر ما هو مجبور، وجبر الخلل عليه، وإن كان عنده أنه ترك القنوت، وتكلم ناسياً، فسجد للسهو، ثم بان أنه لم يترك القنوت، لا يلزمه إعادة سجود السهو.
وقيل: لا يلزمه أن يسجد ثانياً في الموضعين، وقطع به في كرَّة أخرى؛ لأن سجود السهو لجبر الخلل، وقد قصد جبر الخلل.
ولو سها في صلاة سهوين، أو أكثر، لا يلزمه إلا سجدتان، بدليل حديث ذي اليدين أن النبي- صلى الله عليه وسلم- تكلّم ومشى، ولم يزد على سجدتين، وتأخير سجود السهو عن حالة السهو إلى آخر الصلاة لهذا المعنى، فلو كان لا يتداخل لكان يؤمرُ بالسجود حالة السهو، كسجود التلاوة يأتي به حالة ما يتلو.
ولو سها في صلاة الجمعة، فسجد للسهو، فقبل أن سلم خرج الوقت، يجب عليه إكمال الظهر ويسجد ثانياً في آخر صلاته، وكذلك المسافر لو شرع في الصلاة بنيَّة القصر، فسها وسجد للسهو، فقبل أن سلّم نوى الإتمام، أو صار مقيماً، عليه أن يتم الصلاة، ويسجد ثانياً في آخر صلاته؛ لأن محلَّ سجود السهو آخر الصلاة، وسجود السهو سُنَّة، فلو نسي سجود السَّهو وسلم، نظر إن تذكر، والفصل قريب، سجد، فلو لم يفعل فصلاته صحيحة، وإن طال الفصل، ففيه قولان: قال في الجديد: لا يسجد؛ لأن محله الصلاة، فبعد طول الفصل لا يبنى، كما لو ترك ركناً من الصلاة، فتذكر بعد ما سلم، وطال الفصل لا يبنى.
وقال في القديم: يسجد بعد طول الفصل؛ لأنه جبران عبادة، فيجوز أن يتراخى عنها، كجبران الحج، فحيث قلنا: يسجد بعد السلام فسجد، هل يعود إلى حكم الصلاة؟ فيه وجهان:
أحدهما: بلى؛ لأن محلّ سجود السهو قبل السلام.
والثاني وهو المذهب لا يعود على حكم الصلاة؛ لأنه تخلَّل عنها بالسلام، بدليل أنه لو سجد جاز، ولو كان سلامه غير محسوب للزمه الرجوع، وفائدته تتبين في مسائل.
منها: أنه لو تكلم عامداً، أو أحدث بعد ما عاد إلى السجود، هل تبطل صلاته؟ إن قلنا: عاد إلى حكم صلاته تبطل، وإلا فلا، وهل يكبر للافتتاح؟ وهل يتشهد بعد السجدتين؟ فيه وجهان: