أحدهما: يحسب، لأنه دفع إليه. وهو بصفة الاستحقاق.
والثاني: لا يحسب؛ كما لو عجل زكاته، ثم هلك ماله قبل الحول، ثم استفاد مالاً آخر قبل الحول - لا يحسب الأول عن الزكاة.
وعند أبي حنيفة: الاعتبار بيوم الدفع، فإن كان يوم الدفع بصفة الاستحقاق، حسب عن الزكاة، وإن زال الاستحقاق بعده.
ولو عجل شاة عن مائة وعشرين شاة، ثم تبعت واحدة، قال: لاتجعل المعجلة؛ كالباقية، ولا يجب عليه شاة أخرى، فكل موضع قلنا: لا يحسب عن الزكاة، فهل له أن يسترد من المسكين ما دفع إليه؟ نظر: إن أخبر المسكين أنها زكاة معجلة، يسترد؛ كما لو عجل أجرة الدار، ثم انهدمت الدار قبل انقضاء المدة - يسترد ما عجل به، ون لم يخيره، وأطلق الدفع إليه، هل يسترد أم لا؟
نص في "الأم": إذا أعطي يسترد. ونص في رب المال أنه إذا دفع بنفسه لا يسترد.
ومن أصحابنا من جعل فيهما قولين:
أحدهما: يسترد: كما لو دفع مالاً إلى إنسان؛ على ظن أن عليه ديناً؛ فمل يكن - يسترد ما دفع إليه.
والثاني: يسترد: لأن الصدقة تنقسم إلى فرض وتطوع، فإذا لم تقع عن الفرض، تقع عن التطوع؛ كما لو أخرج زكاة ماله الغائب؛ على ظن أنه قائم؛ فبان تالفاً، يقع تطوعاً.
ومنهم من فرق؛ على ظاهر النص؛ فقال: يسترد الإمام دون رب المال؛ لأن رب المال يعطي من ماله الفرض والتطوع، فإذا لم يقع الفرض كان تطوعاً، والإمام لا يعطي من مال الغير إلا الفرض؛ فكان مطلق دفعه كالمتقيد بالفرض.
ومنهم من قال: لا فرق بين الإمام ورب المال، والمسألة على حالين؛ حيث يسترد، أراد به: إذا علم المسكين أنها زكاة معجلة وحيث قال: لا يسترد، أراد به: إذا لم يعلمه بالتعجيل؛ سواء أعلمه أنها زكاة مفروضة، أو لم يعلمه. فعلى هذا: إذا اختلفا: فقال الدافع: أعلمتك، وأنكر المدفوع إليه - ففيه وجهان:
أحدهما: القول قول الدافع مع يمينه؛ كما لو دفع ثوباً إلى إنسان، واختلفا: فقال الدافع: عارية، وقال القابض: هبة - فالقول قول الدافع مع يمينه.
والقول الثاني: القول قول المدفوع إليه مع يمينه؛ لأنهما اتفقا على دفع ناقل للملك. فحيث قلنا: يسترد إذا هلك مال رب المال؛ فلو أنه أتلف ماله، أو بعض ماله؛ حتى