انتقص النصاب -فهل له أن يسترد ما دفع إليه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يسترد؛ كما لو هلك ماله بغير فعله.
والثاني: لا يسترد؛ لأنه مفرط بإتلاف المال؛ فحيث قلنا: يسترد؛ فإن كانت العين قائمة، أخذها، ودفع إلى المستحق. وإن كان الدافع هو الإمام، أخذ، ودفع إلى آخر، ولا يحتاج إلى إذن جديد من جهة رب المال؛ وإن كانت العين تالفة في يد المدفوع إليه، لزمته قيمتها؛ إن كانت متقومة، ومثلها؛ إن كانت مثلية وتؤخذ من تركته إن كان قد مات. وكيف تعتبر قيمتها؟ فيه وجهان:
أحدهما: تعتبر بيوم التلف؛ كالعارية.
والثاني: بيوم الدفع؛ لأن ما حصل فيه من الزيادة حدث في ملكه؛ فلم يلزمه ضمانها. وهل يحتاج الإمام في أخذ القيمة إلى إذن المالك؟ فيه وجهان؛ وإن كانت العين قائمة، لكنها تغيرت، لا يخلو: إما إن تغيرت بزيادة، أو نقصان: فإن تغيرت بزيادة؛ نظر: إن كانت متصلة؛ كالسمن والكبر، يستردها مع الزيادة. وإن كانت منفصلة؛ كالولد واللبن، فهل يسترد الزيادة معها؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، بل تبقى الزيادة للمسكين؛ لأنها حدثت في ملكه، كولد المبيعة يبقى للمشتري إذا رد الأصل بالعيب.
والثاني: له أن يسترد الزيادة؛ لأنه لماخرج عن الاستحقاق، ظهر أنه لم يملكه. وإن تعين نقصان، هل يلزمه أرش النقصان؟ فيه وجهان:
أحدهما: يلزمه؛ كما يلزمه ضمان العين.
والثاني: لا يلزمه؛ لأنه نقص حصل في ملكه؛ فلا يؤاخذ بضمانه.
أما إذا بان المدفوع إليه أنه لم يكن بصفة الاستحقاق يوم الدفع إليه؛ بأن كان رقيقاً أو كافراً أو غنياً - يسترد مادفع ليه بالزوائد المتصلة والمنفصلة، ويغرمه أرش النقصان، وإن كان يوم حلول الحول بصفة الاستحقاق؛ لأن الدفع لم يقع محسوباً؛ فحيث قلنا: لاتحسب عن الزكاة، فعلى رب المال إخراج الزكاة ثانياً، إن كان ما بقي في يده نصاباً، وإن كان أقل من نصاب، فإن قلنا: لا يسترد ما عجل، أو قلنا: يسترد، ولكن لو ضم إليه ذلك لا يبلغ نصاباً - فلا زكاة عليه وإن كان معه ما يبلغ نصاباً: فإن كان قائماً في يد من أخذه، عليه إخراج الزكاة ثانياً، وإن كان تالفاً فهو كالدين: إن كانت ماشية فلا زكاة عليه؛ لأن ما على المسكين قيمة الشاة؛ فلا يكمل به نصاب الماشية، وإن كان نقداً، فعلى قولي الزكاة في الدين.