وعرف الحاكم عدالة شهود الفرع.. قبل الحاكم شهادتهم في ذلك كله بلا خلاف؛ لأن شهود الفرع غير متهمين في تعديلهم لشاهدي الأصل.
وإن قال شهود الفرع: نشهد على شهادة عدلين بكذا ولم يسموهما.. لم يجز الحكم بهذه الشهادة حتى يسموا شاهدي الأصل. وبه قال أكثر أهل العلم، إلا ابن جرير؛ فإنه قال: يحكم بهذه الشهادة.
وهذا خطأ؛ لأن الناس يختلفون في تعديل الشهود، وقد يكون شاهدا الأصل عدلين عند شهود الفرع ولا يكونان عدلين عند الحاكم، فلا بد من تسميتهما ليعرفهما الحاكم. ولأن المشهود عليه قد يجرح شهود الأصل، فإذا لم يعرفهما.. لم يمكنه جرحهما.
وإن سمى شهود الفرع شاهدي الأصل، ولم يعدلوهما.. فإن الحاكم يسمع هذه الشهادة ويسأل عن عدالة شاهدي الأصل. وبه قال أكثر أهل العلم.
وقال الثوري وأبو يوسف: إذا لم يعدلوهما.. لم يسمع الحاكم شهادتهم.
دليلنا: أنها شهادة، فجاز سماعها وإن لم يعرف عدالة الشهود، كشهود الأصل.
مسألة تحمل الشهادة على الشهادةمسألة: وجوه يصح فيها تحمل الشهادة على الشهادة :
وتحمل الشهادة على الشهادة يصح من وجوه:
أحدها: أن يسمع رجلان رجلا يشهد لرجل بحق مضاف إلى سبب يقتضي وجوب الحق؛ مثل أن يسمعه يقول: أشهد أن لفلان على فلان كذا من ثمن مبيع أو أجرة؛ لأنه مع ذكر السبب لا يقتضي غير الوجوب.
والثاني: أن يسمع رجلان رجلا يشهد عند الحاكم لرجل بحق على آخر.. فيجوز لهما أن يشهدا على شهادته وإن لم يسترعهما ولا أضاف الحق إلى سبب؛ لأن الشهادة عند الحاكم لا تكون إلا بحق واجب.
قال المسعودي في " الإبانة " : وكذلك يجوز لهذا الحاكم أن يشهد على شهادته