عند حاكم آخر إذا عزل. قال: وكذلك: إذا سمع رجلان رجلا يشهد بحق لرجل عند محكم لهما، سواء قلنا: ينفذ حكمه أو لا ينفذ.
الثالث: إذا استرعاهما على الشهادة؛ بأن يقول رجل لرجلين: أنا أشهد أن لفلان على فلان كذا، فاشهدا على شهادتي؛ لأن الاسترعاء وثيقة، والوثائق لا تكون إلا على واجب.
وحكى ابن الصباغ: أن من أصحابنا من قال: لا بد أن يقول في الاسترعاء: اشهدا على شهادتي وعن شهادتي؛ ليكون إذنا في التحمل والأداء.
وهذا كاختلاف أصحابنا في المزكي: هل يحتاج إلى أن يقول: عدل علي ولي، أو يكفيه أن يقول: عدل.
وقد حكى المسعودي في " الإبانة " عن بعض العلماء ما يوافق هذا، فقال: لا بد أن يقول في الاسترعاء: اشهد على شهادتي إذا استشهدت أنت فاشهد.
والأول أصح؛ لأن الغرض زوال الشبهة، وإذا أذن له في التحمل.. فقد زالت الشبهة؛ لأن التحمل للأداء.
والرابع - حكاه ابن القاص والمسعودي في " الإبانة "-: أن يسمع رجل رجلا يسترعي غيره على شهادة، فيجوز للسامع أن يشهد بها وإن لم يسترعه عليها؛ لأنه لما استرعى غيره.. دل على أنه ما استرعاه إلا على واجب، فجاز له الشهادة عليها، كما لو سمع رجل رجلين يتبايعان.. فله أن يشهد عليهما وإن لم يشهداه.
فأما إذا سمع رجلان رجلا يقول: أشهد أن لفلان على فلان كذا غير مضاف إلى سبب ولم يسترعهما، وكان بغير حضور الحاكم.. فلا يجوز لهما أن يشهدا على شهادته بذلك.
وعلله الشافعي: (بأنه يحتمل أنه أراد أن ذلك واجب عليه، ويحتمل أنه غير واجب عليه، بل من وعد وعده به، فلم يصح تحمل الشهادة عليه بذلك) .
وعلله أصحابنا: أن قوله: (أشهد) يحتمل أنه أراد الشهادة عليه بالحق، ويحتمل أن قوله: (أشهد) أني أعلم ذلك بالسماع، فلم يجز أن يتحمل الشهادة عليه بذلك.