وعن أبي الحسن: أن أبا إسحاق قال: لا خيار إذا كانت مزوَّجة؛ لأنها وإن كانت بِكْراً فالافتضاض مستحقّ للزوج ولا غرض للمشتري في بكارتها، والمذهب الأول؛ لأن الزوج قد يطلقها فتخلص له، ولو شرط ثِيَابتَها فَبَانَت بِكْراً فوجهان:
أحدهما: أنه يثبت الخيار؛ لأنه قد يضعف عن مباشرة البِكْر فيريد الثَّيِّب.
وأصحهما: أنه لا خيار؛ لأن البِكْر أفضل وأكثر قيمة فصار كما لو شرط كون العبد أمّياً فَبَانَ كاتباً، أو فاسقاَ فَبَانَ عفيفاً، ولو شرط السُّبُوطَة في الشعر فَبَانَ جَعْداً، فعلى هذين الوجهين؛ لأن السَّبْط قد يكون أشهى إلى بعض الناس، ولو شرط الجُعُودة فَبَانَ سَبْطًا ثبت الخيار.
فإن قلت: ذَكَرْتُمُ في بَيْع الأَمَةِ أنَّ رؤية الشعر معتبرة على أصح الوجهين والشعر إذا رؤي عرفت جُعُودته وسَبُوُطَته فكيف تصورون المسألة؟
فالجواب: أن خرجوها على تجويز بيع الغائب وعلى أن رؤية الشَّعر غير معتبرة واضح. وأما على الأصح فإن الشعر قد يرى ولا تعرف جُعُودته وَسُبُوطته لعروض ما يستوي الحالتان عنده من الابْتِلاَل وقرب العهد بالتَّسْريح ونحوهما.
ولو لبس تَجْعيد السّبط أو بالعكس فسيأتي ذلك -إن شاء الله تعالى- ولو شرط كون العبد خَصِيّاً فَبَانَ فَحْلاً، أو بالعكس ثبت الرَّد؛ لشدة اختلاف الأغراض.
وذكر أبو الحسن العبادي: أنه لا رد في الصورة الأولى؛ لأن الفُحُولة فضيلة ولو شرط كونه مَخْتُوناً فَبَانَ أَقْلَف فله الرد وبالعكس لا يرد.
قال في "التتَّمة": إِلاَّ أنْ يكون العبد مَجُوسياً وثَمَّ مجوسيون يشترون الأَقْلفَ بزيادة فله الرد.
ولو شرط كونه أحمق أو ناقص الخِلْقَة فهو لغو.
واعلم: أن خيار الخلق على الفور، ويبطل بالتأخير على ما سنذكر في المعيب -إن شاء الله تعالى- ولو تعذر الرَّد بهلاك وغيره فله الأَرْش، كما في العيب، ومسائل الفَصْل بأسرها مبنية على أن الخلف في الشرط لا يوجب فساد البيع.
وحكى الحَنَّاطِي قولاً غريباً أنه يوجبه -والله أعلم-.
قال الغزالي: (وَأَمَّا القَضَاء العُرْفِيُّ) فَهُوَ السَّلاَمَةُ عَنِ العُيُوبِ المَذْمُومَةِ فَمَهْمَا فَاتَتْ ثَبَتَ الخِيَارُ، وَذَلِكَ بِكُلِّ عَيْبٍ يُنْقِصُ القِيمَةَ، وَالخَصِيُّ مَعِيبٌ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ، وَاعْتِيَادُ الزِّنَا والسَّرِقَةِ وَالِإبَاقِ وَالبَوْلِ في الفِرَاشِ (ح) عَيْبٌ، وَالبَخَر والصُّنَانُ (ح) الَّذِي لاَ يَقْبَلُ المُعَالَجَةَ وَيُخَالِفُ العَادَةَ عَيْبٌ في العَبِيدِ وَالإِمَاءِ، وَكَوْنُ الضَّيْعَةِ مَنْزِلَ الجُنُود، وَثِقَلُ الخَرَاجِ عَيْبٌ.