أما إذا كان عليه عَصَبٌ وَرِيشٌ ونَصْلٌ فللمعنيين:
أحدهما: أنه من المُخْتَلَطَات.
والثاني: اختلاف وَسَطَه وطرفيه دقَّة وغِلَظاً، وتعذّر ضبطه، وأنه من أي موضع يأخذ من الدِّقة في الغِلَظ، أو بالعكس ولم يأخذ، وأما إذا لم يكن فللمعنى الثاني، ويجوز السَّلَم قبل التَّخْرِيط والعمل عليه لتيسر ضبطه، والمَغَازِل كالنِّبَال والتِّرْيَاق المَخْلُوط كالغالية، فإن كان نَبَاتاً واحداً أو حجراً جاز السلم فيه.
النوع الثَّاني: المُخْتَلَطَات المقصودة الأركان التي تَنْضبط أقدارها وصفاتها، كالثِّيابِ العتَّابِيَّةِ والخُزُوزِ المُرَكَّبة من الإِبْرَيْسِيم والوَبَر وَفي السلم، فيه وجهان:
أحدهما: المنع كالسَّلَم في الغالية والمَعْجُونَات.
وأصحهما عند المصنف ومعظم العراقيين: الجَوَاز؛ لأن قدر كل واحد من أَخلاَطِها ممَّا يسهل ضَبْطه، ويحكى هذا عن نص الشافعي -رضي الله عنه- وبه أجاب القاضي ابن كَجٍّ، ويخرج على الوَجْهَين السَّلم في الثوب المعمول عليه بالإِبْرَة بعد النَّسِيج من غير جنس الأصل كالإِبْرَيْسيم على القِطُن أو الكِتَّان، وإن كان تركيبهَا بحيث لا تنضبط أركانها فهي كالمَعْجُونَات.
النوع الثالث: المُخْتَلَطَات التي لا يقصد منها إلاَّ الخَلِيط الواحد كالخُبْز وفيه المِلْح، لكنه غير مقصود في نفسه، وإنما يراد منه إصلاح الخبز، وفي السَّلم فيه وجهان:
أصحهما عند الإمام: أنه جائز، وبه قال أحمد، وهو الذي أورده في الكتاب؛ لأن المِلْح مستهلك فيه، والخبز في حكم الشَّيء الواحد.
والثاني، وهو الأصح عند الأكثرين: المَنْع لوجهين:
أحدهما: الاختلاط، واختلاف الغَرض بحسب كثرة المِلْح وقلته وتعذّر الضبط.
والثاني: تأثير النَّارِ فيه، وفي السَّلَم في الجُبْن مثل هذين الوجهين، لكن الجُمْهور مطبقون على ترجيح وجه الجواز، كأنهم اعتمدوا في الخُبْز المعنى الثاني، ورأوا أن عمل النَّارِ في الخُبْزِ يختلف، وفي الجُبْن بخلافه، والله أعلم.
والوجهان جَارِيَانِ في السَّمك الذي عليه شيء من المِلْح، وفي خَلِّ التَّمْر والزّبِيْب وجهان أيضاً:
أحدهما، وإليه ميل الصَّيْمَري والإمام: منع السلم فيهما، لما فيهما من الماء كما لا يجوز السَّلَم في المَخِيض.