وفي "التهذيب" وغيره أنه إذا جاء واحد من الغُزَاةِ يطلب سهم المقاتلة، وذكر أنه احتلم، حلف وأخذ السهم، فإن لم يحلف، فوجهان عن صاحب "التلخيص (1) " تخريجًا أنه لايعطى.
وقال غيره: يعطى؛ لأن الظاهر استحقاقه بحضور الواقعة.
ولو ادعى البلوغ بالسن طولب بالبينة لإمكانها، نعم لو كان غريبًا خامل الذكر، فيلحق بدعوى الاحتلام، أو يطالب بالبينة، لامكانها من جنس (2) المدعي، وينظر في الإثبات لتعذر معرفة التاريخ, كما في صبيان الكفار، فيه ثلاثة احتمالات للإمام رحمه الله تعالى.
والظاهر: الثاني؛ لأنه إذا أمكن إقامة البينة كلف إقامتها, ولم ينظر إلى حال المدعي وعجزه، هذا فقه المسألة (3).
ولفظ الكتاب يشعر بأنه عد دعوى الاحتلام إقرارًا، فإن قوله: "نعم لو ادعى أنه بلغ بالاحتلام إقرارًا" كالاستدراك لقوله قبله وإقراره مسلوب مطلقاً، لكن عدها إقرارًا بعيد، فإن المفهوم من الإقرار بالإخبار عن ثبوت حق عليه للغير، ونفس البلوغ ليس كذلك، ولهذا يطالب مدعي البلوغ بالسن بالبينة، واختلفوا في تحليف مدعي البلوغ بالإحتلام، والمقر لا يكلف البينة، ولا اليمين، نعم لو قال: أنا بالغ، فقد اعترف بثبوت الحقوق المَنُوطَةِ بالبلوغ، فهو من هذا الوجه يكون متضمنًا للإقرار، لا أن نفسه إقرار، وبتقدير كونه إقرارًا، فليس ذلك كإقرار الصبي، بأنه إذا قال: أنا بالغ يحكم ببلوغه سابقًا على قوله، فلا يكون إقراره إقرار الصبي، حتى يحتاج إلى الاستدراك.
ومنهما: حجر المجنون، وهو مسلوب القول أيضاً، انشاءًا أو إقرارًا بلا استثناء، والسكران بين الصاحي، والمجنون، فبأيهما يلحق في إقراره وتصرفاته؟.
فيه طرق للأصحاب تبسط في "كتاب الطلاق (4) ".