في بعض الأدوار فالضَّعيف حيض مع القوي كما في الشهر الأول.
واعلم أنه لا فرق في كون الكل حيضاً مهمًّا انقطع الدم قبل مجاوزة الخمسة عشر بين أن يتقدم القوي على الضعيف أو يتقدم الضَّعيف، هذا هو المشهور المقطوع به.
وحكى في "التَّهذيب" وجهين:
فيما إذا تقدم الضَّعيف على القوي ولم يزد على الخمسة عشر، كما إذا رأت خمسة حمرة وخمسة سواداً وانقطع دمها، أحد الوجهين ما ذكرنا.
والآخر أن حيضها أيام السواد؛ لأنه أقوى وما قبله لا يتقوّى به، بخلاف ما بعده فإنه يتبعه وحكى وجهين أيضاً فيما إذا رأت خمسة حمرة وخمسة سواداً وخمسة حمرة.
أصحهما: أنَّ الكل حيض (1).
والثاني: حيضها السّواد وما بعده لا، ثم المفهوم من إطلاقهم انقلاب الدَّم إلى الضَّعيف أن يتمحَضَّ ضعيفاً حتى لو بقيت خطوط من السواد وظهرت خطوط من الحمرة لا ينقطع حكم الحيض، وإنما ينقطع إذا لم يبق السَّواد أصلاً. وصرح إمام الحرمين بهذا المفهوم. وقوله في الكتاب: "كما ضعف الدم" معلم بالميم؛ لأن مالكاً قال المُميّزة بعد الدم القوي تتحيض ثلاثة أيام من الدم الضَّعيف أيضاً احتياطاً.
لنا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وإذَا أَدْبَرَتِ الحَيْضَةُ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي" (2).
وأيضاً فإنا لا نجعل شيئاً من الدم القوي طهراً إحتياطاً فكذلك لا نجعل شيئاً من الدَّم الضعيف (3) حيضاً.
ولك أن تعلم قوله في آخر الفصل: "فالضَّعيف حيض مع القوي" بالواو؛ لأنه يشمل ما إذا تقدَّم الضَّعيف وما إذا تقدَّم القوي، وفي حالة تقدم الضَّعيف الوجه الذي حكيناه عن "التَّهْذِيب" -والله أعلم-.
قال الغزالي: المُسْتَحَاضَةُ الثَّانِيَةُ مُبْتَدَأَةٌ لاَ تَمْيِيزَ لَهَا أو فَقَدَتْ شَرْطَ التَّمْيِيزِ فِيهَا قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تُرَدَّ إِلَى عَادَةِ نِسَاءِ بَلَدْتِهَا عَلَى وَجه، أَوْ نِسَاءِ عَشِيرَتِهَا عَلَى وَجْهِ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَنْقُصَ عَنْ سِتٍّ وَلاَ يَزِيدَ علَى سَبْعٍ لِقَولِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "تَحيِّضِي فِي عِلْمِ اللهِ سِتًّا أَوْ سَبْعاً كَمَا تَحيضُ النِّسَاءُ وَيطْهُرْنَ"، وَالقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُرَدُّ إِلَى أَقَلِّ مُدَّة الحَيْضِ احْتيَاطاً لِلْعِبَادَةِ، وَأَمَّا فِي الطُّهْرِ فَتُرَدُّ إِلَى أَغْلَبِ العَادَاتِ وَهِيَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ