الثانية: إذَا أرادَ البَيْعَ، فإن لَمْ يَكُنْ حاكمٌ، استقلَّ به، وإنْ كانَ، فأظُهَرُ الوجهَيْنِ، وبه قال الشيخُ أبو حامدٍ، أنَّه لا بُدَّ من استئذانه.
ووجه الثاني: أنَّ المُلْتَقِطَ نابَ عن المالِكِ في الحِفْظِ، فكذلك في البَيْع، وهلْ يجوزُ بَيْعُ جُزْءٍ منْها لِنَفَقَةِ الباقي؟ قال الإمام: نعم كما تباع جميعُها.
وحَكَى عن شَيْخِهِ احتمالاً أنَّه لا يجوزُ؛ لأنَّهُ يؤدِّي إلى أن تَأْكُلَ نَفْسَهَا، وهذا ما أوردَهُ الشيخُ أبو الفَرَج الزاز. قال: ولا يستقرض عَلَى المَالِك أَيْضاً لهذا المعنى، لكنَّهُ يُخَالَفُ ما مَرَّ من هَرَبَ الجَمَّال نحوه (1).
والثَّالثةُ: إذا جَازَ له الأكْلُ، فأكَل، ففي وجُوب التَّعريف بعْده وجهان، وكذا في وجوب إفرازِ القيمةِ منْ مالِهِ بعْد الأَكْل خِلاَفٌ، ونذكر المسألتين بما فيهما فيما إذا الْتَقَطَ طعاماً يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الفَسَادُ وأكلَهُ.
فَرْع:مَهْمَا حَصَلتِ الضَّالَّةُ في يَدَي الحاكم، فإنْ كان هناك حميّ سرَّحها، فيه، ووسَمَهَا بِسِمةٍ الضَّوَال، وَيسمُ نِتَاجَهَاَ أيضاً، وإنْ لم يكنْ فالقَوْلُ في بَيْع كلَّها أو بَعْضِهَا للنفقةِ عَلَى ما سبق، لكنْ لو توقَّع مجيء المالِكِ في طَلَبِها عَنْ قُرْبٍ بأنْ عَرِفَ أنَّها منْ نَعَمِ بَنِي فُلاَن، تأتي أيَّاماً كما يراه، هذا في غير الآدميِّ.
أمَّا الآدميُّ: فإِذا وُجِدَ رَقِيقاً، نُظِرَ إن كان مُمَيِّزاً، والزَّمانُ زمانُ أَمْنٍ، لم يأخُذْه؛ لأنَّهُ يستدل على مالِكِهِ، فَيَصِلُ إلَيْه، وإن كان غَيْرَ مميِّزٍ، والزَّمانُ زمانُ نَهْبٍ، جازَ أَخْذُهُ؛ كسائر الأموالِ، ثُمَّ يجوزُ تَملُّكُ العَبْدِ والأمةِ التي لا تحلّ له كالمجوسيَّةِ، والأخْت مِنَ الرِّضَاعِ.
وإن كانت مِمَّنْ تَحِلُّ له، فَعَلى قَوْليْن، كما في الاستقراض (2)؛ لأنَّ التَّملُّكَ بالالتقاط اقتراضٌ، فإنْ منَعْنَاه، لم يَجِبِ التعريفُ. كذلك ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أبو حامد، وينفق