على الرَّقيقِ مُدَّةَ الحِفْظ مِنْ كَسْبِه، وما يبقَى من الكَسْبِ يُحْفَظَ مَعهُ، فإنْ لم يكنْ له كَسْبٌ، فعلَى ما سبَقَ في النَّوْع الثَّانِي منْ غَيْر الآدميِّ. وإذا بِيعَ، ثم ظهرَ المالِكُ، وقال: كُنْتُ أَعْتَقتُهُ: فأظهرُ القولَيْنِ: أنَّهُ يُقبَل قَوْلُه، ويُحْكمُ بفَسَاد البَيْعِ.
والثَّاني: المنع، كما لو بَاع بِنفْسِهِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي منَ المَالِ: الجمادُ، وَينْقَسِمُ إلَى ما لا يَبْقَى، بلْ يتسارعُ إلى الفسَادِ، كالمَرِيسَةِ، وإلَى ما يبقى بمعالجةِ؛ كالرُّطَب يجفَّف، أو بغير معالجةٍ؛ كالذهبِ والفضةِ والثياب، فهذه ثلاثةُ أقْسَامٍ، وهي بأسرها لُقَطَةٌ مأخُوذَةٌ متملَّكة، لكنْ فيما لا يبقَى أو يبقَى بمَعالجةٍ مزيد كلامٌ نذكرُه في الباب الثاني؛ لأنَّهُ أَدْرَجَ فيه القَوْلَ في الطَّعَام الَّذي يَفْسُدُ.
القِسْمُ الثَّانِي: ما لَيْسَ بمالٍ، كما إذا وَجَدَ كَلْباً يُقْتَنَى، فمَيْلُ الإمامِ (1) والمُتَلَقِّينَ منْه إلى أنَّهُ لا يُؤْخَذُ إلاَّ على قَصْدِ الحِفْظِ أبداً؛ لأنَّ الاخْتِصَاصَ به بالعِوَضِ ممتنعٌ، وبلا عِوَضٍ يخالفُ وضْعَ اللُّقَطَةِ.
وقال أكثرهم يُعرِّفُهُ سَنَةً، ثم يختصُّ وينتفع به، فإنْ ظهر صَاحِبُهُ بعْدَ ذَلِكَ، وقد تَلِفَ، لَمْ يضمَنْهُ، وهلْ عليه أجرةُ المِثْلِ لمنفعةِ تلْكَ المُدَّة؟ فيه وجهان بنَاءً عَلَى جوازِ إجارةِ الكْلب، وهذا ما أورده في الكتابِ، لكنَّ الَّلائقَ بهذا الجَوَاب أَلاَّ يَأْخُذَ المالَ في حدِّ اللُّقَطَةِ، وقد أَخَذَهُ؛ حَيْثُ قال: "وهِيَ كلُّ مالٍ مُعرَّضٍ للضَّيَاعِ" ولا في حدِّ الالتقاط، وقد أخَذَهُ؛ حيث قال (2): "فهو عبارةٌ عَنْ أخْذِ مالٍ ضائعٍ".
وقوله: "وذلك ظاهرٌ في كلِّ جماد وحيوانٍ صغيرٍ أراد به أنَّ ما ذكرناه في حدِّ اللُّقَطَةِ ظاهرُ الحُصُولِ في الجماد، والحيوانِ الصَّغِير وُجِدَ في العَامِر أو الغَامِرِ، ويجوزُ أنْ يُعْلَمَ لَفْظُ "الحيوانِ الصغير" بالواو؛ للوجه المَنقُولِ عن صاحب "التَّقْريب" أنَّهُ إذا وُجِدَ في العُمْرَان، لم يُلْتَقَطْ. وقولُه: "لِوُرُودِ الخبر فيه" المراد منَه الخَبَرُ الواردُ في الإِبِلِ، والبَقَرُ والحِمَارُ مُلْحَقَانِ به لم يرد فيهما خبرٌ.