كان منْ غيره، نُظِرَ: إن لم يكنْ لها زوْجٌ يَطَؤُها (1)، فالحكْمُ كما لو كان الحَمْلُ منه، ولم يذْكُرُوا ههنا الوجْهَيْنِ فيما إذا أوصَى لحملِ امرأةِ، وانفصل الولَدُ لستَّةِ أشهرٍ فأكثر، وليسَتْ هي ذاتَ زوْجٍ أنه، هلْ يستحق؟ وسببه أنَّ النسبِ ثابت، والميراث يتبع النسب، والوصيَّة بخلافه، وإن كان لها زوْجٌ يَطَؤُهَا، فإنِ انفصَلَ قبْل تمامِ ستَّةٍ أشهرٍ من وقت الموت، فقد عُلِمَ وجوده، حينئذ، وإن انفصَلَ لستةِ أشْهُرٍ فأكثر، لم يرثْ؛ لاحتمال أنَّ العلوق حصَلَ بعْده، إلاَّ أن يعترف سائر الورثة بوجودِهِ عنْد الموت.
وإذا ماتَ حُرٌّ عن أبٍ رقيقٍ تحته حرَّةٌ حاملٌ، فإن ولدَتْ قبل ستة أشهرٍ مِنْ يوْمِ الموْتِ، ورث المولودُ من أخيه، والأب الرقيقُ لا يَحْجُبُ.
وإنْ ولدَتْ لستةِ أشْهر فصاعداً، لاحتمال حُدُوث العُلُوق بعْد الموت إلاَّ إذا تطابَقُوا علَى وجوده يومَئِذٍ، وينبَغِي أنْ يمسك الأَبُ عن الوطءِ حتَّى يظهر الحال.
قال الإِمَامُ: ولا نقُولُ بتحْريمه.
والثاني: أن ينفصل حيّاً، فإنِ انفصَلَ ميتاً، فكأن لا حَمْلَ، سواءٌ كان يتحرَّك في البطْن أو لا يتحرَّك، وسواءٌ انفصَلَ ميتاً بِنَفْسِهِ (2) أو بجناية جانٍ.
وإنْ كانَتِ الجنايةُ توجِبُ الغرَّةَ، وتصرف الغرة إلَى ورثة الجنينِ, لأن إِيجاب الغرة لا يتعيَّن له تقدير الحيَاةِ؛ ألا ترَى إلَى قولِ الأصحابِ أنَّ الغرَّةَ إِنَّما وجبَتْ لدَفْعِ الجاني الحياةَ مع تَهَيُّؤِ الجنينِ لها، وبتقديرِ أنْ يكون وجُوبَ الغرة علَى تقدير الحياة، فالحياة مقدرةٌ في حقِّ الجاني خاصَّةً، فتقدر في توريث الغرة خاصَّةً، وإنما تشترط الحياةُ عنْد تمامِ الانفصال.
فلو خرج بعْضُه حيّاً، ومات قبل تمام الانفصال، فهو كما لو خَرَج ميتاً، وكذا في سائر الأحكام، حتَّى لو ضرب ضارَبٌ بطْنَها بعْد خروجِ بعْضِهِ، وانفصل ميتاً، فالواجبُ الغُرَّة دون الدِّيَة، هذا ظاهرُ المَذْهَب، وعن القَفَّال وغيره: أنَّه إذا خَرَج بعْضُه حياً، وَرِث؛ وإنْ كان عند الانفصالِ مَيِّتاً، وبه قال أبو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ.
وعند أبي حنيفة أنه إذا خَرَج أكْثَرُه حَيّاً، ثم مات، وَرِث، ولو ماتَ عَقِيبَ انفصالِهِ حيّاً بحياةٍ مستقرَّةٍ، فنصيبُهُ لورثَتِهِ، وتعلم الحياةُ المستقرَّة بصراحة، وهو الاستهلاَلُ، وكذلك بالبكاءُ والعُطَاس والتَّثَاؤُبِ وامتصاصِ الثَّدْيِ؛ لدلالتها علَى الحياةِ