برقبته بفدية السيِّد، إن شاء، بل يجب ربُعُ الديةِ وربُعُ القيمة في ماله، ويتعلَّق ربع الدية وربع القيمة برقبته، وإذا وقع الاستيفاء شائعاً، لزم قتل البعْضِ الحرِّ بالبعض الحرِّ والرقيق معاً، وشُبِّهَ هذا بما إذا بَاعَ شِقْصاً وسيفاً قيمةُ كلِّ واحدٍ عَشَرةٌ بعَبد، وثوب قيمةُ كل واحد عَشَرةٌ، فإنه لا يجعل الشِّقْصَ مثلاً في مقابلة العبد أو الثوب بل المقابل له النصْفُ من هذا والنصْفُ من ذاك.
الثانية: إذا قَتَل عَبْدٌ مسلمٌ حرّاً ذميّاً، فلا قصاص؛ لأن المسلم لا يُقْتَل بالذميِّ هاذا قتل حرٌّ ذميٌّ عبْداً مسلماً، فلا قال الإِمام: قصاص؛ لأن الحرَّ لا يُقْتَل بالعَبْد، القول في كفاءة النكاح: إن الفضيلة تجبر بالنَّقِيصَة، فلا يجيْء مثْلُها هاهنا، وكذلك لو قَتَل الكافرُ ابْنَهُ المُسْلِمَ أو الابْنُ المُسْلِمُ قَتَلَ أَبَاهُ الكَافِرَ فلا قصاص؛ لاختصاص القاتل بما يَمْنَعُ القصاص.
الثالثة: لو قتل المكاتَبُ أباه، وهو في مِلْكِهِ ففي القصاص وجهان:
أشبههما: المنع؛ لأنه مملوكه، والسيد لا يُقْتَلُ بعبده.
والثاني: وَيُحْكَي عن إشارة النص: أنه يجب؛ لأن أباه إذا دخل في مِلْكه تكاتب عليه، ويثبت له حقُّ الحرية، كما يثبت للمكاتَبِ، فأشبه ما إذا قَتَل الحرُّ أباه، ولو قتل المكاتَبُ سائرَ عَبيدِهِ، فلا قصاص، كما قول قَتَلَ الحرُّ عبْدَهُ، هذا هو المذهب المشهور وفي "البحر" حكاية وجه آخر بناءً على أن المكاتَبَ عبد ما بَقِيَ عليه درْهَمٌ (1).
وقوله في الكتاب: " وتُقْتَلُ المستولدةُ والمكاتب بالقِنِّ" خصهما بالذِّكْر بعد قوله: "ويقتل الرقيق" لِيُعْرَف أن توقُّع الحرية واستحقاقَهَا في المستقبل لا يَمْنَع القصاص، وإنَّما المؤثِّر الحريةُ النَّاجِزَة عنْد القتل، حتى لو قتلت مستولدةٌ قِنّاً، ولم يُقْتَصَّ منها، حتى عَتَقَتْ، لم يَسْقُطِ القصاص، ولو قتل ذميٌّ عبداً ثم التحق بدار الحرب فسُبِيَ وأُرِقَّ لم يُقْتَصَّ منه؛ لأنه كان حرّاً يَوْمَ القتل.
وقوله: "ولو اشترى المكاتَبُ أباه" التصوبر في الشراء إنما يصحُّ فيما إذا اشترى بإذن السيد على أحَدِ القولين فأما بغير إذنه فلا يصحُّ بلا خلاف.
قَالَ الْغَزَاليُّ: الخَصْلَةُ الثَّالِثَة: الأُبُوَّةُ وَلاَ يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ، وَكَذَا الأَجْدَادُ