وأَشْهَدُهُمَا: وبه أجاب العِرَاقِيُّونَ وغيرهم: نعم؛ لأن الحَاجَةَ تَمَسُّ إلى تَأْكِيدِهَا، وتَمْهِيد طَرِيقِ إِثباتها (1) عند التَّنَازُعِ، ومصالح الخلق لا تَتِمُّ إلا بها.
وعن ابن القَطانِ: تخصيص الخِلاَفِ بما إذا لم يَتَقَابَضَا، لِتَأْجِيل، أو غيره. فأما بعد التَّقَابُضِ، فلا يجب التحمُّلُ بِحَالٍ.
ومنهم من يَقْتَضِي إيْرَادُهُ طَرْدَ الخلاف في النِّكَاحِ أيضاً.
وإذا قلنا بالإِقْرَاضِ، فذلك، إذا أحْضَرَهُ المُحَمَّلُ، أما إذا دُعِيَ للتحمل. فقد حكى القاضي ابْنُ كجٍّ عن بعض الأَصْحَابِ: أن عليه الإِجَابَة، كما إذا دُعِيَ لِلأَدَاءِ.
وعن القاضي أبي حَامدٍ: أنه لا يَجِبُ، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب"، وأبو الفرج، إلا أن يكون المُحَمّلُ مَعْذُوراً بِمَرَضٍ أو حَبْسٍ، فتجب الإجابة.
وكذا في المرأة المُخَدَّرَةِ إذا أثبتنا التَّخْدِيرِ أَثَراً، وكذا إذا دَعَاهُ القاضي ليَشْهَدَ على أَمْرٍ ثَبَتَ عنده، فعليه الإِجَابَةُ، كيلا يَحْتَاجَ القاضي إلى التَّرَدُّدِ على أبواب الشُّهُودِ، فَتَتَعَطَّلُ مَصَالِحُ الناس.
والثاني: إن تَطوَّعَ الشَّاهِدُ بِتَحَمُّل الشهادة، وأَدَائِهَا، فقد أَحْسَنَ. وإن طَمِعَ في شيء، فذاك؛ إما رِزْقٌ من بَيْتِ المال، أَو شَيْءٌ من مال المشهود له.
وأما الرِّزْق من بيت المال (2) فقد ذكر الشيخ أبو حَامِدٍ، وابْنُ الصَّبَّاغِ، وآخرون: أن الشاهد ليس له أَخْذ (3) الرِّزْقِ من بَيْتِ المال؛ لِتَحمُّلِ الشهادة. وقيل له ذلك (4): فإن قلنا بالأَوَّلِ، وهو الأَقْرَبُ، فَلَوْ رَزَقَهُ الإِمَامُ من ماله، أو رَزَقَة وَاحدٌ من