أحدهما: نعم؛ لقصده التملك بالقبول (1) والأقرب لا لأن بقبوله يدخل (2) الشقص في ملك المُوَرّثِ، ثم ينتقل إليه بالإرث (3) ولو أوصى لزيد (4) بشقص ممن يعتق عليه، فلا يعتق على وارثه، كما لو أوصى به بشقص من ابنه أو بشقص من أمه ووارثه أخوه من الأَبِ فمات وَقَبِلَ الوَصِيَّةَ أَخُوهُ؛ عتق ذلك الشقص على الميت، ويسري إن كان له تركة يفي ثلثها بقيمة الباقي لأن قَبُولَ وارثه، كقبوله في الحياة.
قال الإِمَامُ: هكذا ذكره الأَصْحَابُ، وفيه وقفة؛ لأَنَّ القَبُولَ حصل من غير اختياره.
فرع: لو باع عبداً مِنِ ابن ذلك العبد ومِنْ أَجْنَبِيٍّ صَفْقَةً وَاحِدَةً عتق نصيب الابن وَقُوّمَ عَلَيْهِ نَصِيب الشَّرِيكِ.
وعن أَبِي حَنِيْفَةَ: لا يَضْمَنُ الأَجْنَبِيُّ شيئاً؛ لأن مِلْكَهُ لم يتم إلاَّ بِقبُولِ شَرِيكِهِ، وكأنه أَذِنَ له في إعتاق نصيبه -حكاه ابْنُ الصَّبَّاغِ ..
قَالَ الْغَزَالِيُّ: (الثَّالِثُ) أَلاَّ يَتَعَلَّقَ بِمَحَلِّ السِّرَايَةِ حَقٌ لاَزِمٌ، فَإِنْ كَانَ تَعَلَّقَ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كِتَابَةٌ أَوْ تَدْبيرٌ أَوِ اسْتِيلادٌ فَفِي الكُلِّ خِلاَفٌ، وَالاسْتِيلاَدُ أَوْلاَهَا بِالمَنْعِ، وَالتَّدْبِيرُ أَضْعَفُهَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا كَاتَبَا عَبْداً، ثم أعْتَقَهُ أَحَدُهمَا فالصحيح المشهور أنه سرى، ويقوم (5) نصيب الشريك عليه، وهل يقوم في الحال أو بعد العَجْزِ عن أداء نصيب الشريك، فيه اختلاف قول، يُذْكَرُ في الْكِتَابَةِ بتفاريعه وعن صاحب "التَّقْرِيب" رِوَايَةُ وَجْهٍ أو قَوْلٍ: أَنَّه لا (6) يَسْرِي إذ لا سبيل إلى إبطال الكتابة، كما لا سبيل إلى فَسْخِهَا، ولأن السِّرَايَةَ تتضمن النقل إلى المُعتقِ والمُكَاتِبِ لا يُقْبَلُ النَّقْلُ.
الثَّالِثَةُ: إذا أعتق أَحَدُ الشريكين نَصِيبَهُ، ونصيب صاحبه مدبر. هل يقوم عليه نصيب الشَّرِيكِ؟ فيه قَوْلاَنِ:
أَقْوَاهُمَا: نَعَمْ؛ لأن المدبر كالقن في جواز البيع، فكذلك في التقويم.
والثَّانِي: لا؛ لأن التَّقْوِيمَ وَالسِّرَايَةَ لتكامل عتق العبد، وقد يثبت للمدبر سبب الحرية فيجعل (7) التَكَامُلُ به، وأيضاً فَلِئَلاَّ يبطل على الشريك قربةٌ مهّد سَبِيلِهَا.
قَالَ الإِمَامُ: هذا شديد الشَّبَهِ عِنْدِي بِمَا إِذَا دَبَّرَتِ المَرْأَةُ العبد المصدق، ثم طلقها