القطع بأفضلية القَصْر، وكذلك حكاه الإمام عن الصيدلاني، واستبعده وأحاله على خطأ النساخ، فإن (1) ثبت ذلك فقوله: (قولان) معلم بالواو.
والفرق بين الرخصتين حيث كان الصوم أفضل والقصر أفضل على الظاهر فيهما أن الذمة تبقى مشغولة بالصوم إذا أفطر، وقد يعرض عائق من القضاء، وفي القصر بخلافه وأيضاً فإن فضيلة الوقت تفوت بالإفطار ولا تفوت بالقصر، ونقل أبو عبد الله الحناطي وغيره في القصر والإتمام وجهاً آخر أنهما سواء، ثم القولان في المسألة وإن كانا مطلقين فلا بد من استثناء صور:
إحداها: إذا كان سفره دون ثلاث مراحل فليس ذلك موضع القولين، بل الإتمام فيه أفضل للخروج عن الخلاف، وقد حكيناه من قبل عن نصه.
والثانية: إذا كان يجد من نفسه كراهة القصر وثقله فهذا يكاد يكون رغبة عن السُّنة، فالأفضل له القصر قولاً واحداً، بل يكره له الإتمام إلى أن تزول عنه تلك الكراهية، وكذلك القول في جميع الرُّخَص في هذه الحالة.
الثالثة: المَلاَّحُ الذي يسافر في البحر ومعه أهله وأولاده في سفينته الأفضل له الإتمام، لأنه في وطنه، يحكى ذلك عن نصه في "الأم"، وفيه خروج عن الخلاف أيضاً، فإن عند أحمد (2) لا يجوز له، وللمكاري (3) الذي معه أهله وماله القصر.
واعلم: أن مسافة القصر في البحر مثل المسافة في البر وإن كانت تقطع فيه في لحظة ويجتهد فيها عند الشَّكِّ.
قال الغزالي: ثُمَّ شَرَائِطُ الجَمْعِ ثَلاَثَةٌ: التَّرْتِيبُ، وَهُوَ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ عَلَى العَصْرِ، وَنيَّةُ الجَمْعِ فِي أَوَّلِ الصَّلاَةِ الأُوَلى أَوْ فِي وَسَطِهَا، وَلاَ يَجُوزُ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ، وَالُوَالاةُ، وَهُوَ أَنْ لاَ يُفَرِّقَ بَيْنَ الصَّلاَتيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ إِقَامَةٍ، وَفِي هذِهِ الشَّرَائِطِ عِنْدَ الجَمْعِ بالتَّأْخِيرِ خِلاَفٌ.
قال الرافعي: المسافر إذا جمع فإما أن يقدم الأخيرة من الصَّلاتين إلى وقت الأولى، أو يؤخر الأولى إلى وقت الأخيرة، فإن قدم فيعتبر فيه ثلاثة شرائط.
إحداها: الترتيب، وهو تقديم الظهر على العصر والمغرب على العشاء؛ لأن الوقت للأولى والثانية تبع له، فيجب تقديم الأصل، فلو قدم العصر على الظهر لم